responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : حياة محمد ورسالته المؤلف : اللاهوري القادياني، محمد علي    الجزء : 1  صفحة : 213
من الهجمات المعادية كان هو غرض الحملة الأوحد. وفيما الرسول ينسحب سئل ان يستنزل الغضب الالهي على العدو. فقد كان ذلك هو الموطن نفسه الذي رجم فيه، ذات يوم، حتى سال الدم من جسده. فما كان منه إلا ان دعا الله لهم بهذا الدعاء: «اللهمّ اهد ثقيفا، وقدهم إليّ.» ، يعني إلى الاسلام. واستجاب الله دعاء الرسول، وما هي غير فترة يسيرة حتى اعتنق الثقفيون الاسلام طائعين.
وهذا مثل آخر على حب الرسول العميق للجنس البشري.
هل شنّت هذه الحملة ابتغاء نشر الدين؟ إذا كان هذا، كما يزعم الزاعمون، هو الهدف من حروب الرسول، فلم رفع الحصار عن البلدة؟ هل فعل ذلك لأن الموقف كان ميؤوسا منه؟ لا! فلو انه أطال أمد الحصار بضعة أيام أخرى، اذن لاستسلم العدو وطرح السلاح. لماذا تركهم وشأنهم من غير ان يخضعهم لسلطانه أو يكرههم على الدخول في دين الله؟ ألم يكن الرسول يفقه الآية القرآنية التي تقول:
«وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ.» *
فاذا كانت هذه الكلمات: «وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ» تقضي، ضرورة، بفرض الاسلام على الناس، كما يساء فهمها اليوم، فلم خالف الرسول الأمر الالهي الصريح، بقبوله أحكام صلح الحديبية، عند فتح مكة، وبرفعه الآن الحصار عن الطائف؟ ولكن الواقع ان الرسول فهم مفاد الأمر الالهي. إن الكفّ عن الاضطهاد لم يعن شيئا أكثر من أن المسلمين لن يضطهدوا بعد اليوم من جراء اعتناقهم الاسلام. وقوله تعالى «وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ» لا يقضي بغير توطيد الحرية الدينية. يجب ان يصبح المرء حرا في اختيار الدين الذي يحبّ، لأن هذه مسألة بين الانسان وخالقه. هذا وليس شيئا أكثر هو المراد بقوله تعالى «وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ» . ولقد كان ذلك هو السبب الذي من أجله أصدر الرسول

(*) السورة 2، الآية 193.
اسم الکتاب : حياة محمد ورسالته المؤلف : اللاهوري القادياني، محمد علي    الجزء : 1  صفحة : 213
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست