responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : حياة محمد ورسالته المؤلف : اللاهوري القادياني، محمد علي    الجزء : 1  صفحة : 187
أن تجاربهم في الماضي أقنعتهم بصدق الوحي. كان تاريخ الاسلام مفعما، حتى تلك الفترة، بأحداث مماثلة.
والحق ان الايام أثبتت ان صلح الحديبية كان هو انتصار الاسلام أيضا. يدلك على ذلك ان الرسول، حين وفد على مكة بعد عام ونصف عام، رافقه عشرة آلاف من صحابته بدلا من الف واربعمئة وهو عدد من كان معه زمن ذلك الصلح. فكيف نعلل هذا الازدياد العظيم في عدد المسلمين؟ الواقع ان حالة الحرب التي سادت حتى ذلك الحين بين المسلمين والمشركين كانت قد أقامت بينهما برزخا عريضا. كان الحقد العام على الاسلام قد حال بين العرب وبين الامتزاج بالمسلمين، ومن هنا لم تتح لهم أيما فرصة للاحتكاك بالمسلمين، والتعرّف إلى الفضائل الاسلامية. فاذا بصلح الحديبية يعقد ما بين الفريقين- للمرة الاولى منذ انبثاق الحركة الاسلامية، ولمدة من الزمن غير يسيرة- جسرا على ذلك البرزخ القديم. لقد أتاح ذلك للمشركين فرصة التفكير الهادئ في فضائل الاسلام الفطرية. فأدركوا كيف هذّب جميع اولئك الذين تأثروا بسلطان الرسول الاخلاقي ورفعوا إلى صعيد أسمى. إن من طبيعة النفس البشرية أن يعمى المرء عن رؤية محاسن من يضمر لهم العداء ولو في أوهن أشكاله. وكان العرب قد عقدوا العزم على إبادة الاسلام، فهم في وضع لا يساعدهم على ان يقدروا تعاليم الاسلام حق قدرها.
أما وقد أزبل ذلك الحاجز الآن، واستؤنف الاتصال السويّ بالمسلمين فقد أمسوا في مركز يمكّنهم من ان يدرسوا أخلاق المسلمين وعاداتهم.
لقد تلاشت جميع انطباعاتهم الخاطئة عن الرسول، تلك الانطباعات التي خلقتها العداوة والبغضاء. وأدركوا بأنفسهم أنه لم يكن براغب في قطع صلة الرحم ولا بمثير للشقاق أو متاجر به، كما توهموا من قبل.
لقد تجلّى لهم الآن نبل طبيعته وجمال أخلاقه. وأدركوا انهم كانوا ضحية التمويه والتضليل، وان شخصية الرسول كانت أسمى بكثير مما

اسم الکتاب : حياة محمد ورسالته المؤلف : اللاهوري القادياني، محمد علي    الجزء : 1  صفحة : 187
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست