responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : حياة محمد ورسالته المؤلف : اللاهوري القادياني، محمد علي    الجزء : 1  صفحة : 159
إغراء لا يقاوم بأن قال له: «أنشدك الله يا زيد، أتحبّ ان محمدا الآن عندنا في مكانك تضرب عنقه وأنت في أهلك؟» وكم كان جواب زيد نبيلا جليلا في تلك الساعة الحرجة من حياته وقد حدّق الموت اليه في عينيه! لقد قال: «والله ما أحبّ ان محمدا الآن في مكانه الذي هو فيه تصيبه شوكة تؤذيه وأنا جالس في أهلي!» ، [فعجب ابو سفيان وقال: «ما رأيت من الناس أحدا يحبه أصحابه كما يحبّ اصحاب محمد محمدا.] والواقع ان هذا مثل نموذجي على تعلّق أصحاب الرسول به وحبهم العميق له.
والحق أن سفك القبائل العربية الغادر لدماء المسلمين على هذا النحو الذي لا يرحم آلم الرسول إيلاما كبيرا. كان في ميسوره أن يصبر على مختلف ضروب المحن والمشاق، ما بقيت هذه المحن والمشاق مقصورة على شخصه هو. ولكنه لم يستطع صبرا على تعذيب اولئك الذين اعتنقوا دين الحق ولم يحجموا عن الوقوف إلى جانبه في السراء والضراء مضحّين في بشر وابتهاج بكل ما ملكت أيديهم في سبيل الله، مكتسبين بذلك- عند الله- مقاما عليا. وكان قتل المعلمين الدينيين صدمة له لا تحتمل، حتى لقد عقد النية ذات مرة على ان يتضرع إلى الله أن يأخذ المعتدين بجرائمهم الشنيعة. والواقع ان تلك القبائل كانت تستحق ان تلقى مثل ذلك القتل التعذيبي، ولكن الرسول اجتزأ، في أساه العميق ذاك، بأن دعا الله ان يتولى أمرهم. ولكن الله كان قد ارسله رحمة للجنس البشري كله، * ومن اجل ذلك لم يرض له ان يكون من القسوة بحيث يستنزل الغضب الالهي حتى على امثال هؤلاء المجرمين الكبار. كان يريده ان يكون تجسيدا للرحمة الكلية ... الرحمة التي لا تميّز بين صديق وعدوّ. ومن هنا نزل الوحي الالهي يقول: «لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ

(*) «وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ» ، السورة 21، الآية 107.
اسم الکتاب : حياة محمد ورسالته المؤلف : اللاهوري القادياني، محمد علي    الجزء : 1  صفحة : 159
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست