اسم الکتاب : تاريخ الخميس في أحوال أنفس النفيس المؤلف : الدِّيار بَكْري الجزء : 1 صفحة : 376
لهم الشيطان فوسوس اليهم فقال كيف تنصرون وقد غلبتم على الماء وأنتم تصلون محدثين مجنبين وآية التيمم لم تنزل بعد وتزعمون انكم أولياء الله وفيكم رسوله فأشفقوا فأرسل الله عليهم السماء ليلا حتى سال منها الوادى فاتخذوا الحياض على عدوة الوادى وشربوا وسقوا الركاب واغتسلوا وتوضأوا وملؤا الاسقية وانطفأ للغبار وتلبدت لهم الارض حتى تثبت عليها الاقدام ولم تمنعهم من المسير وزالت عنهم الوسوسة وطابت النفوس كما قال تعالى اذ يغشيكم النعاس أمنة منه وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به ويذهب عنكم رجز الشيطان وليربط على قلوبكم ويثبت به الاقدام وقيل يثبت به الاقدام بالصبر وقوّة القلب فحصل بذلك للمسلمين اطمئنان وزال عنهم الخوف ولما كانت العدوة القصوى مناخ قريش أرضا سهلا لينا لم تبلغ أن تكون رملا وليس هو بتراب أصابهم ما لم يقدروا ان يرتحلوا معه فخرج رسول الله صلّى الله عليه وسلم يبادر الى الماء حتى اذا أتى أدنى ماء من بدر نزل به قال ابن اسحاق حدثت عن رجال من بنى سلمة انهم ذكروا ان الخباب بن المنذر بن الجموح قال يا رسول الله أرأيت هذا المنزل أمنزل أنزلكه الله ليس لنا أن نتقدّمه ولا نتأخر عنه أم هو الرأى والحرب والمكيدة قال بل الزأى والحرب والمكيدة قال يا رسول الله ان هذا ليس بمنزل فانهض بالناس حتى تأتى أدنى ماء من القوم فتنزل ثم نغوّر ما وراءه من القلب ثم نبنى عليه حوضا فنملأه ماء ثم نقاتل القوم فنشرب ولا يشربون فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم لقد أشرت بالرأى* وفى رواية فنزل جبريل فقال الرأى ما أشار اليه الخباب كذا فى المنتقى فنهض رسول الله صلّى الله عليه وسلم ومن معه من المسلمين فسار حتى اذا أتى أدنى ماء من القوم نزل عليه ثم أمر بالقلب فغوّرت وبنى حوضا على القليب الذى نزل عليه فملئ ماء ثم قذفوا فيه الآنية وكان نزوله بدرا عشاء ليلة الجمعة السابعة عشر من رمضان كما مرّ ولما نزل قام مع جماعة من أصحابه يسير فى عرصة بدر ويضع يده على الارض ويقول هذا مصرع فلان وهذا مصرع فلان يرى أصحابه مصارع صناديد قريش فو الله ما تجاوز أحد منهم عن الموضع الذى عين له بل قتل فيه* قال ابن اسحاق فحدثنى عبد الله بن أبى بكر أنه حدث أن سعد بن معاذ قال يا نبىّ الله ألا نبنى لك عريشا تكون فيه ونعدّ عندك ركائبك ثم نلقى عدوّنا فان أعزنا الله وأظهرنا على عدوّنا كان ذلك ما أحببنا وان كانت الاخرى جلست على ركائبك فلحقت بمن وراءنا من قومنا فقد تخلف عنك أقوام يا نبىّ الله ما نحن لك بأشدّ حبا منهم ولو ظنوا انك تلقى حربا ما تخلفوا عنك يمنعك الله بهم يناصحونك ويجاهدون معك فأثنى عليه رسول الله صلّى الله عليه وسلم خيرا ودعا له بخير ثم بنى لرسول الله صلّى الله عليه وسلم عريش فكان فيه* وفى خلاصة الوفاء مسجد بدر كان العريش الذى بنى لرسول الله صلّى الله عليه وسلم يوم بدر عنده وهو معروف عند النخيل والعين قريبة منه وبقربه فى جهة القبلة مسجد آخر تسميه أهل بدر مسجد النصر ولم أقف فيه على شىء* قال ابن اسحاق وقد ارتحلت قريش حين أصبحت فأقبلت فلما رآها رسول الله صلّى الله عليه وسلم تصوب من العقنقل وهو الكثيب الذى جاؤا منه الى الوادى قال اللهمّ هذه قريش قد أقبلت بخيلائها وفخرها تجادل وتكذب رسولك اللهمّ فنصرك الذى وعدتنى اللهمّ أحنهم الغداة وقد قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم ورأى عتبة بن ربيعة فى القوم على جمل له أحمران يك فى أحد من القوم خير فعند صاحب الجمل الاحمران يطيعوه يرشدوا وقد كان خفاف ابن ايماء بن رحضة الغفارى أو أبوه ايماء بن رحضة الغفارى بعث الى قريش حين مروان ابنا له بجزائر أهداها لهم وقال ان أحببتم ان نمدّكم بسلاح ورجال فعلنا قال فأرسلوا اليه ان وصلتك رسم وقد قضيت الذى عليك فلعمرى لئن كنا انما نقاتل الناس ما بنا ضعف عنهم ولئن كنا انما نقاتل الله كما يزعم محمد فما لاحد بالله من طاقة فلما نزل الناس أقبل نفر من قريش
حتى وردوا حوض رسول الله
اسم الکتاب : تاريخ الخميس في أحوال أنفس النفيس المؤلف : الدِّيار بَكْري الجزء : 1 صفحة : 376