اسم الکتاب : تاريخ الخميس في أحوال أنفس النفيس المؤلف : الدِّيار بَكْري الجزء : 1 صفحة : 375
بنا العرب وبسيرنا وجمعنا فلا يزالون يهابوننا أبدا بعدها فامضوا فوافوها فسقوا كؤس المنايا مكان الخمر وناحت عليهم النوائح مكان القيان وقال الاخنس بن شريق بن عمرو بن وهب الثقفى وكان حليفا لبنى زهرة وهم بالجحفة يا بنى زهرة قد نجى الله لكم أموالكم وخلص لكم صاحبكم مخرمة ابن نوفل وانما نفرتم لتمنعوه وماله فاجعلونى جبنها وارجعوا فانه لا حاجة لكم بأن تخرجوا فى ضيعة لا تسمعوا ما يقول هذا يعنى أبا جهل فرجعوا فلم يشهدها زهرى واحد وأطاعوه وكان فيهم مطاعا ولم يكن بقى من قريش بطن الا وقد نفر منهم ناس الا بنى عدى بن كعب لم يخرج منهم رجل واحد فرجعت بنو زهرة مع الاخنس فلم يشهد بدرا من هاتين القبيلتين أحد* روى أن أبا سفيان صادفهم فقال يا بنى زهرة لا فى العير ولا فى النفير وهو أوّل من قال هذا قالوا أنت أرسلت الى قريش أن ترجع وفى بعض التفاسير قال أخنس بن شريق يا قوم اذا حصل مرادنا الذى هو نجاة أموالنا فلنرجع فقال له أبو جهل أخنس فرجع فى ثلثمائة من بنى زهرة فسمى أخنس لاختزاله من الحرب ولما بلغ أبا سفيان قول أبى جهل قال وا قوماه هذا عمل عمرو بن هشام يعنى أبا جهل روى ان أبا سفيان لما بلغ العير الى مكة رجع ولحق بجيش قريش فمضى معهم الى بدر فجرح يومئذ جراحات وأفلت هاربا ولحق بمكة راجلا قال ابن اسحاق ومضى القوم وكان بين طالب بن أبى طالب وكان فى القوم وبين بعض قريش محاورة فقالوا والله لقد عرفنا يا بنى هاشم وان خرجتم معنا أن هواكم لمع محمد فرجع طالب الى مكة مع من رجع قال طالب بن أبى طالب
لاهمّ اما يغنزونّ طالب ... فى عصبة محالف محارب
فى مقنب من هذه المقانب ... فليكن المسلوب غير السالب
وليكن المغلوب غير الغالب
قال ابن اسحاق ومضت قريش حتى نزلوا بالعدوة القصوى من الوادى خلف العقنقل وبطن الوادى وهو يليل بين بدر وبين العقنقل الكثيب الذى خلفه قريش والقليب ببدر فى العدوة الدنيا من بطن يليل الى المدينة وبعث الله السماء وكان الوادى دهسا فأصاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم وأصحابه منها ما لبدلهم الارض ولم يمنعهم من المسير وأصاب قريشا منها ما لم يقدروا على أن يرتحلوا معه فخرج رسول الله صلّى الله عليه وسلم يبادرهم الى الماء حتى اذا جاء أدنى ماء ببدر نزل به* وفى الكشاف وغيره من التفاسير مضت قريش حتى أناخت بالعدوة القصوى أى البعدى عن المدينة خلف العقنقل العدوة شط الوادى وكان فيها الماء وكانت أرضا لا بأس بها للمشى فيها ونزل المسلمون بالعدوة الدنيا أى القربى الى جهة المدينة ولا ماء فيها وكانت كثيبا أعفر رخوا تسوخ فيه الاقدام وحوافر الدواب ولا يمشى فيها الّا بتعب وكانت الركب أى العير وقوّادها بمكان أسفل من مكان المسلمين بثلاثة أميال الى جهة وراء ظهر العدوّ يعنى الساحل وكذا فى أنوار التنزيل والمدارك* وفى شواهد النبوّة روى أنه فى الليلة السابقة على يوم الحرب غلب النوم والامنة على المسلمين بحيث لم يقدروا أن يكونوا أيقاظا* وعن الزبير أنه قال سلط علىّ النوم بحيث كلما أردت أن أجلس لم أقدر فيلقينى النوم على الارض وكذا كان حال النبىّ صلّى الله عليه وسلم وأصحابه* قال سعد بن أبى وقاص رأيتنى تقع ذقنى بين ثديىّ فلما أنتبه أسقط على جنبى قال رفاعة غلب علىّ النوم حتى احتلمت وتغسلت وكان مشركو قريش بقرب منهم وقد غلب عليهم الخوف فبعث النبىّ صلّى الله عليه وسلم اليهم عمار بن ياسر وابن مسعود فرجعا وقالا يا رسول الله غلب على المشركين الخوف حتى اذا صهل خيلهم يضربون وجوهها من شدّة الخوف* روى ان المسلمين ناموا فاحتلم أكثرهم وأجنوا وقد غلب المشركون على الماء فتمثل
اسم الکتاب : تاريخ الخميس في أحوال أنفس النفيس المؤلف : الدِّيار بَكْري الجزء : 1 صفحة : 375