اسم الکتاب : القول المبين في سيرة سيد المرسلين المؤلف : محمد الطيب النجار الجزء : 1 صفحة : 88
قمراء[1]، وفي سنة شهباء[2]، لم تبق شيئًا، ومعه زوجي، ومعنا شارف لنا[3]، والله ما ينبض[4] علينا بقطرة من لبن. ومعي صبي لي لا ننام ليلتنا من بكائه، ما في ثديي ما يغنيه.
فلما قدمنا مكة، لم تبق منا امرأة إلا عرض عليها رسول -صلى الله عليه وسلم- فتأباه، وإنما كنا نرجوا كرامة الرضاعة من والد الولد -وكان يتيمًا- ونقول: يتيم ما عسى أن تصنع أمه به، حتى لم يبق من صواحبي امرأة إلا أخذت صبيًّا، غيري، فكرهت أن أرجع ولم أجد شيئًا وقد أخذ صواحبي.
فقلت لزوجي: والله لأرجعن إلى ذلك التيم، فلآخذنه، فأخذته ورجعت إلى رحلي.
فوالله ما هو إلا أن جعلته في حجري حتى أقبل عليه ثديي بما شاء من اللبن فشرب حتى روي، وشرب أخوه -يعني ابنها- حتى روي، وقام زوجي إلى شارفنا من الليل، فإذا بها حافل، فحلبها من اللبن ما شئنا، وشرب حتى روي وشربت حتى رويت، وبتنا ليلتنا شباعًا رواء وقد نام صبياننا، فقال زوجي: والله يا حليمة ما أراك إلا أصبت نسمة مباركة.
قالت: ثم خرجنا، فوالله لخرجت أتاني[5] أمام الركب، حتى إنهم ليقولون: ويحك كفّي عنا أليست هذه بأتانك التي خرجت عليها. [1] شديدة البياض. [2] أي قليلة الخضرة والماء، والمعنى شديدة الجدب. [3] الشارف: الناقة المسنة. [4] أي ما يسيل ولا يقطر. [5] الأتان: أنثى الحمار.
اسم الکتاب : القول المبين في سيرة سيد المرسلين المؤلف : محمد الطيب النجار الجزء : 1 صفحة : 88