اسم الکتاب : السيرة النبوية والدعوة في العهد المكي المؤلف : غلوش، أحمد أحمد الجزء : 1 صفحة : 69
لانتشارها طرق متعددة لاقت تشجيعا من جميع المسيحيين، وخاصة من الدولة الرومانية الشرقية، وكنائسها المتعددة، ولا غرو فهي دولة "أوتوقراطية" أسست من بدايتها على الدين.
ولم تمنع المنازعات المذهبية تعاون المختلفين في المذهب إذا لزم الأمر؛ حيث نرى "النجاشي" ملك الحبشة يتعاون مع إمبراطور القسطنطينية، ويرسل جيشا إلى اليمن للمحافظة على المسيحية بها، رغم اختلاف الإمبراطور والنجاشي في طبيعة المسيح، ورغم أن نصارى اليمن أنفسهم كانوا على القول بالأريوسية المخالفة لكل من النجاشي والإمبراطور.
وكان لموقع الجزيرة العربية بين الحبشة والدولة الرومانية الشرقية أن تعرضت لمحاولات تبشيرية متعددة أدت إلى اعتناق بعض العرب للمسيحية، وقد وجدت المسيحية بنجران "جنوب الجزيرة" على يد رجل من الشام هو "فيمين" حيث تمكن هو وتلميذه "عبد الله بن الثامر" من نشر المسيحية بهذه المنطقة[1]، وقد كان فيمين وتلميذه صورتين لمبشري المسيحية الذين انتشروا في الجزيرة يتاجرون ويدعون للمسيحية، وكانوا يعتبرون التجارة مع التبشير كسبا مضاعفا[2].
ويمكن اعتبار حملة "أبرهة" على مكة حملة عسكرية للتبشير بالمسيحية، تمت بعد فشل الوسائل السلمية، وبخاصة بعدما ثبت أن الدولة البيزنطية كانت ترسل تجارها إلى مكة لتتجسس على العرب[3]، ومما يساعد على هذا الاعتبار سرعة بناء أبرهة "للقليس" ومضاعفة تحسينها وتجميلها؛ قاصدا بذلك صرف العرب عن كعبتهم وتوجههم إلى القليس للحج والزيارة، التي بناها على هيئة الكعبة، [1] التاريخ الإسلامي العام ص50. [2] أخبار مكة ج1 ص83. [3] تاريخ العرب قبل الإسلام ج6 ص58.
اسم الکتاب : السيرة النبوية والدعوة في العهد المكي المؤلف : غلوش، أحمد أحمد الجزء : 1 صفحة : 69