responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : السيرة النبوية والدعوة في العهد المكي المؤلف : غلوش، أحمد أحمد    الجزء : 1  صفحة : 278
إن أخبار الكهان تشبه أنباء الأحبار والرهبان في أنها جميعا تدخل في جملة المنبهات الحسية التي تسبق الأمور الهامة؛ لتتيقظ العقول لهذا الجديد القادم.
إنها ليست دعوة إلى دين الله، وليست تكليفا بشريعة، ولكنها مقدمة لأمر له شأنه، ينبه الأفهام، ويوقظ العقول، وقد فطر الله الناس على أن عظائم الأمور تسبق بتمهيد يشير إليها، ويجذب الأفهام نحوها.
وقد عرفنا الله تعالى بما كانت تقوم به الجن من استماع حديث الملائكة، وحديث الله عنهم؛ حيث يقول تعالى: {وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ} [1]، وذلك حين كان يمكن للجن أن يجلس في السماء في مكان يسمع فيه، وفجأة تغير الحال وتبدل، ونظرت الجن إلى السماء التي كانوا يتحركون خلالها للتصنت والاستماع، بلا عائق أو مانع، فوجدوها على غير ما كانت عليها، يصور الله ذلك فيقول سبحانه: {وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا} [2]، لقد امتلأت السماء بالحرس القوي من الملائكة تمنع الجن من الاقتراب، فإذا اقترب أحدهم يُرمى بالشهب الملتهبة.
وقد كان الجن يتحايل في الاستماع؛ حيث كانوا يجلسون واحدا فوق واحد، فإذا احترق الأعلى طلع الذي تحته، حتى يتمكنوا من استماع شيء، فإذا ما استرقوا كلمة ألقوها إلى الكهان أشياعهم ليتحدثوا بها مع إضافة مائة كذبة إلى الكلمة الواحدة المسروقة[3].
فلما كانت بعثة محمد صلى الله عليه وسلم منع الجن من الاستراق، يقول الله تعالى على لسان الجن: {فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَصَدًا} وحينئذ رأت الجن أن ذلك

[1] سورة الجن آية 9.
[2] سورة الجن آية 8.
[3] فتح الباري - كتاب التفسير - باب قل أوحي إلي ج8 ص671.
اسم الکتاب : السيرة النبوية والدعوة في العهد المكي المؤلف : غلوش، أحمد أحمد    الجزء : 1  صفحة : 278
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست