اسم الکتاب : السيرة النبوية والدعوة في العهد المكي المؤلف : غلوش، أحمد أحمد الجزء : 1 صفحة : 202
المبحث السادس: محمد في مرحلة الصبا
...
المبحث السادس: محمد صلى الله عليه وسلم في مرحلة الصبا
عاد محمد صلى الله عليه وسلم من ديار بني سعد بعدما بلغ خمس سنوات للمرة الثانية والأخيرة، وسُرت أمه بقدومه، وأخذت في توجيهه وتنشئته، تساعدها أم أيمن، ويعاون جده عبد المطلب الذي رأى في محمد صورة ابنه عبد الله.
لاحظت آمنة أن محمدا يتمتع بقوة بدنية وعقلية، تفوق أقرانه من الأطفال، ورأت أن تذهب به لزيارة أخوال أبيه من بني عدي بن النجار، وليعرف قبر أبيه الذي دفن في دارهم، وليعلم أصوله من جهة أمه كما علمها من جهة أبيه.
وأخذته صلى الله عليه وسلم ورحلت به على ناقتين لها، ومعهما أم أيمن، ومكثت في المدينة شهرا كاملا؛ ليتمكن وليدها الصغير من التعرف بالمكان وأهله، ويرى ما هم فيه من عادات وأديان وأعمال، من خلال لعبه مع الصغار، أو جلوسه مع الكبار.
وعند عودة آمنة من المدينة إلى مكة ماتت في الطريق عند الأبواء[1] ودفنت بها.. ورجعت القافلة مرة أخرى إلى مكة بلا آمنة، فاستقبلها عبد المطلب، وضم حفيده إليه، فكفل محمدا صلى الله عليه وسلم ومعه حاضنته "أم أيمن" تخدمه.
وبقيت ذكريات رحلة المدينة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم طوال حياته؛ لأنه صلى الله عليه وسلم لما هاجر في الإسلام إلى المدينة المنورة بعد سبع وأربعين سنة؛ نظر إلى أطم[2] بني النجار وقال: "كنت ألاعب "أنيسة" -وهي جارية من الأنصار- على هذه الأطم، وكنت مع الغلمان أبناء أخوالي نطير طائرا كان يقع علينا، وأحسنت العوم في بئر بني عدي بن النجار"، وقال: "وفي دار بني عدي نزلت مع أمي، وفيها قبر أبي" [3]. [1] الأبواء: قرية صغيرة بين مكة والمدينة، بينها وبين المدينة ثلاثة وعشرون ميلا. [2] الأطم: الحصون، ومفردها أطمة. [3] الطبقات الكبرى ج1 ص116.
اسم الکتاب : السيرة النبوية والدعوة في العهد المكي المؤلف : غلوش، أحمد أحمد الجزء : 1 صفحة : 202