اسم الکتاب : السيرة النبوية والدعوة في العهد المكي المؤلف : غلوش، أحمد أحمد الجزء : 1 صفحة : 203
إنها ذكريات باقية بصورتها وحقيقتها.. وكان صلى الله عليه وسلم يذكر حاضنته أم أيمن ويقول: "أم أيمن أمي بعد أمي" [1].
وقد زار النبي صلى الله عليه وسلم بعد البعثة أيضا قبر أمه فبكى وأبكى، فلما سئل: ما يبكيك يا رسول الله؟ قال: "تذكرت رحمتها فبكيت" [2].
وبموت آمنة فقد الرسول أبويه، ووجد نفسه وحيدا فريدا، حرم من الآباء والإخوة، ولو كان غير محمد لأصابه الكثير، إلا أن الرعاية الإلهية كانت معه صلى الله عليه وسلم؛ حيث قام عبد المطلب بكفالته بعد رجوعه إلى مكة مباشرة، وشمله بعنايته واهتمامه، وكان يرعاه أكثر من أبنائه.
كما أحاطته أم أيمن رضي الله عنها بالرعاية والخدمة، وكانت تخاف عليه من أي أذى يلحق به، وبخاصة أنها رأت من يهود المدينة ما جعلها تخاف عليه منهم، تقول رضي الله عنها: "وكان قوم من اليهود يختلفون إليه، وينظرونه ويتفرسون فيه، تقول أم أيمن: فسمعت أحدهم يقول: هو نبي هذه الأمة، وهذه دار هجرته، فوعيت ذلك كله من كلامهم"[3].
وبقيت هذه الحادثة في ذاكرتها؛ ولذلك نراها بعد عودتها إلى مكة، تذهب به إلى جده عبد المطلب ليكفله، فكفله مرحبا به، وقربه منه، ولما قارب أجله، وصى ابنه "أبا طالب" ليكفله من بعده، وهكذا عاش صلى الله عليه وسلم مع جده، ومن بعده مع عمه، مكرما مصانا.
عناية عبد المطلب بحفيده:
عاد محمد صلى الله عليه وسلم وحيدا إلى جده، فضمه إليه، وقربه من نفسه، ورق عليه رقة لم ينلها أحد من ولده، وكان يتفقده إذا خلا، وإذا نام.
قال قوم من بني مدلج لعبد المطلب: احتفظ بابنك هذا فإن له شأنا، وإنا لم [1] الطبقات الكبرى ج1 ص116. [2] المرجع السابق ج1 ص117. [3] المرجع السابق ج1 ص118.
اسم الکتاب : السيرة النبوية والدعوة في العهد المكي المؤلف : غلوش، أحمد أحمد الجزء : 1 صفحة : 203