اسم الکتاب : السيرة النبوية والدعوة في العهد المدني المؤلف : غلوش، أحمد أحمد الجزء : 1 صفحة : 599
ولما انكشف الناس قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لحارثة بن النعمان الأنصاري: "كم ترى الناس الذين ثبتوا"؟.
فحزرهم مائة، وهذه المائة هي التي كرت بعد الفرار، فاستقبلوا هوازن واجتلدوا والرسول يدعو: "اللهم لك الحمد، وإليك المشتكى، وأنت المستعان".
ويقال إن المائة الصابرة يومئذ: ثلاثة وثلاثون من المهاجرين, وسبعة وستون من الأنصار، وكان علي، وأبو دجانة، وعثمان بن عفان، وأيمن بن عبيد رضي الله عنهم يقاتلون بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم.
وكانت أم عمارة في يدها سيف صارم، وأم سليم معها خنجر قد حزمته على وسطها وهي يومئذ حامل بعبد الله بن أبي طلحة، وأم سليط، وأم الحارث، حين انهزم الناس، يقاتلن، وأم عمارة تصيح بالأنصار: أية عادة هذه! ما لكم وللفرار! وشدت على رجل من هوازن فقتلته وأخذت سيفه[1].
ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم مصلت السيف بيده، وقد طرح غمده ينادي: "يا أصحاب سورة البقرة". فكر المسلمون، وجعلوا يقولون: يا بني عبد الرحمن، يا بني عبد الله، يا بني عبيد الله، يا خيل الله، وكان صلى الله عليه وسلم قد سمى خيله خيل الله، وكان شعار المهاجرين بني عبد الرحمن، وشعار الأوس بني عبيد الله، وشعار الخزرج بني عبد الله، فكرت الأنصار ووقفت هوازن حملة ناقة، ثم كانت هزيمتهم أقبح هزيمة، والمسلمون يقتلون ويأسرون.
وأم سليم بنت ملحان تقول: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم ما رأيت هؤلاء الذين أسلموا وفروا عنك وخذلوك!! لا تعف عنهم إذا أمكنك الله منهم، تقتلهم كما تقتل هؤلاء المشركين! فقال: "يا أم سليم! قد كفى الله، عافية الله أوسع" [2].
وحنق المسلمون على المشركين فقتلوهم حتى شرعوا في قتل الذرية، فلما بلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ما بال أقوام ذهب بهم القتل حتى بلغ الذرية! ألا لا تقتل الذرية". فقال أسيد بن حضير: يا رسول الله، أليس إنما هم أولاد المشركين! فقال: "أوليس [1] بلوغ الأماني لترتيب مسند الإمام أحمد الشيباني ج21 ص175. [2] المغازي ج3 ص903، 904.
اسم الکتاب : السيرة النبوية والدعوة في العهد المدني المؤلف : غلوش، أحمد أحمد الجزء : 1 صفحة : 599