اسم الکتاب : السيرة النبوية والدعوة في العهد المدني المؤلف : غلوش، أحمد أحمد الجزء : 1 صفحة : 544
ولما بلغ يهود "تيماء" خبر استسلام "أهل خيبر" ثم "فدك"، و"وادي القرى" لم يبدوا أي مقاومة ضد المسلمين، بل بعثوا من تلقاء أنفسهم يعرضون للصلح، فقبل ذلك منهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأقاموا بأموالهم, وكتب لهم بذلك كتابًا، وهاك نصه: "هذا كتاب محمد رسول الله لبني عادي، إن لهم الذمة، وعليهم الجزية، ولا عداء ولا جلاء، الليل مد، والنهار شد".
ثم أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم في العودة إلى المدينة وكان رجوع المسلمين في أواخر صفر أو في أول ربيع الأول سنة سبع من الهجرة[1].
وفي جمادي الأولى بعد عودة رسول الله إلى المدينة جاء أبو العاص بن الربيع مهاجرًا من مكة بعد إسلامه فرد رسول الله ابنته زينب إليه[2].
وبالقضاء على اليهود في خيبر، وفي المناطق حولها، لم يبق لليهود وجود قوي، ومع ذلك رفضوا الدخول في دين الله تعالى، واستمروا في كيدهم للإسلام والمسلمين وورثوا هذا الكيد لما جاء بعدهم من ذراريهم, وبذلك عاشوا على ضلالهم, وداوموا العداء لدين الله تعالى.
وهم على ذلك إلى اليوم رغم تشتتهم في البلاد، وتقطع أوصالهم، وذهاب هويتهم. [1] زاد المعاد ج3 ص355. [2] سنن أبي داود ج3 ص151. رابعا: مواجهة القبائل المتمردة
مدخل
... رابعًا: مواجهة القبائل المتمردة
أدى صلح الحديبية إلى تمايز كل فريق بنيته وعمله، وبادر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتعامل مع كل جبهة بما يناسبها.
فهادن قريشًا ومن سار على نهجها.
وواجه العالم بتبليغ الإسلام إليه، وتعريفه بدين الله تعالى.
وواجه اليهود، وذهب إليهم في حصونهم حتى قضى على خطورتهم.
وبقيت أمامه ثلة من القبائل المتناثرة في الجزيرة العربية التي عاشت على النهب والإغارة، ظنت نفسها بعيدة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم منقطعة عن المسلمين لبعدهم عنهم فأخذت تعمل ضد الإسلام متصورة أن المسلمين لن يعلموا شيئًا عن أخبارهم.
ولم تكن هذه القبائل في بلدة واحدة، أو في مكان ثابت، بل هم من الرحل المتنقلين ولذلك كان لا بد لتأديبهم بواسطة حملات تأديبية سريعة وخفيفة، ومفاجئة، ليعلموا أنهم تحت بصر المسلمين، ومحل اهتمامهم, وليتيقنوا أن المسلمين بفضل الله ومعونته يملكون حسن التعامل مع كل فريق, بما يكافئه بحيث لا يخدعهم لئيم ولا يفاجئهم غادر.
وقد أدت الحملات التأديبية لهذه القبائل إلى وقوع الغزوات والسرايا التالية:
اسم الکتاب : السيرة النبوية والدعوة في العهد المدني المؤلف : غلوش، أحمد أحمد الجزء : 1 صفحة : 544