اسم الکتاب : السيرة النبوية والدعوة في العهد المدني المؤلف : غلوش، أحمد أحمد الجزء : 1 صفحة : 490
بالمسلمين، يقول عثمان رضي الله عنه: ثم كنت أدخل على قوم مؤمنين من رجال ونساء مستضعفين فأقول لهم: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يبشركم بالفتح فقد كنت أرى الرجل منهم والمرأة تنتحب حتى أظن أنه يموت فرحًا بما خبرته، فيسأل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيخفي المسألة، ويشتد ذلك على أنفسهم، ويقولون: اقرأ على رسول الله منا السلام، إن الذي أنزله بالحديبية لقادر أن يدخله بطن مكة.
وشعر المسلمون أن قريشًا بقتلهم عثمان اعتدوا عليهم في الأشهر الحرم، فاستعدوا لقتالهم، وأم رسول الله صلى الله عليه وسلم منازل بني مازن بن النجار، وقد نزلت في ناحية من الحديبية فجلس في رحالهم ثم قال: "إن الله أمرني بالبيعة". فأقبل الناس يبايعونه حتى تداكوا، فما بقي لهم متاع إلا وطئوه، ثم لبسوا السلاح، وهو معهم قليل، وماتت أم عمارة إلى عمود كانت تستظل به فأخذته بيدها، وشدت سكينًا في وسطها.
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبايع الناس، وعمر بن الخطاب رضي الله عنه آخذ بيده، فبايعهم على ألا يفروا.
وكان أول من بايع سنان بن وهب بن محصن، وقال: يا رسول الله، أبايعك على ما في نفسك، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبايع الناس على بيعة سنان فبايعوه[1].
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبايع أصحابه وهو واقف تحت شجرة، ولذلك سميت البيعة "بيعة الشجرة" وفيها يقول الله تعالى: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا} [2].
والحقيقة أن قريشًا لم تقتل عثمان رضي الله عنه وإنما أشاعت ذلك لتخذيل المسلمين وصرفهم عن دخول مكة.
وقد حدث والمسلمون في الحديبية أن بعثت قريش خمسين رجلا بقيادة مكرز بن حفص ليصيبوا المسلمين على غرة، وكان رسول الله قد نظم حراسة المعسكر الإسلامي، وجعله في ثلاثة من الصحابة هم أويس بن خولي، وعباد بن يشر، ومحمد بن مسلمة، [1] إمتاع الأسماع ج1 ص290. [2] سورة الفتح: 18.
اسم الکتاب : السيرة النبوية والدعوة في العهد المدني المؤلف : غلوش، أحمد أحمد الجزء : 1 صفحة : 490