اسم الکتاب : السيرة النبوية والدعوة في العهد المدني المؤلف : غلوش، أحمد أحمد الجزء : 1 صفحة : 488
مكة يصدون عن البيت من يقصده معتمرًا أو حاجًا، ولذلك تعددت بعوثهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي:
البعث الأول:
أرسلوا عروة بن مسعود الثقفي، ليعرف غاية رسول الله صلى الله عليه وسلم ويأتي القوم بخبر المسلمين، فذهب عروة إلى المسلمين، وقال: يا محمد إني تركت قومك على إعداد وأعداد عند ماء الحديبية قد استنفروا لك، وهم يقسمون بالله لا يخلون بينك وبين البيت حتى تجتاحهم وإنما أنت من قتالهم بين أحد أمرين: إما أن تجتاح قومك، فلم نسمع برجل اجتاح أصله قبلك، أو بين أن يخذلك من نرى معك.
فلما فرغ عروة من كلامه، ورد رسول الله صلى الله عليه وسلم كما قال لبديل بن ورقاء عاد إلى قريش فقال، يا قوم قد وفدت على كسرى، وهرقل، والنجاشي، وإني والله ما رأيت ملكًا قط أطوع فيمن هو بين ظهرانيه من محمد في أصحابه، والله ما يحدون إليه النظر، وما يرفعون عنده الصوت، وما يكفيه إلا أن يشير إلى امرئ فيفعل، واعلموا أنكم إن أردتم السيف بذلوه لكم، وقد رأيت قومًا لا يبالون ما يصنع بهم إذا منعوا صاحبهم، والله لقد رأيت نسوة معه، إن كن ليسلمنه أبدًا على حال، فروا رأيكم، وقد عرض عليكم خطة، فاقبلوا ما عرض فإني لكم ناصح، مع أني أخاف ألا تنصروا عليه، رجل أتى هذا البيت معظمًا له مع الهدي ينحره وينصرف فقالوا: لا تكلم بهذا يا أبا يعفور، ولو غيرك تكلم بهذا، ولكن نرده في عامنا هذا ويرجع إلى قابل[1].
البعث الثاني:
ثم أرسلوا بعد ذلك مكرز بن حفص، فلما رآه الرسول صلى الله عليه وسلم قال: "هذا رجل غادر". وكلمه بمثل ما كلم أصحابه الذين جاءوا قبله، فعاد للمكيين، وأخبرهم بما سمع[2].
البعث الثالث:
ورأت قريش أن ترسل للرسول رجلا ليس من قريش ليظهروا قوتهم وأعوانهم، فأرسلت الحليس بن علقمة الكناني سيد الأحابيش ورأسهم. [1] الطبقات الكبرى ج2 ص96 المغازي ج2 ص598، 599. [2] المغازي ج2 ص559.
اسم الکتاب : السيرة النبوية والدعوة في العهد المدني المؤلف : غلوش، أحمد أحمد الجزء : 1 صفحة : 488