اسم الکتاب : السيرة النبوية والدعوة في العهد المدني المؤلف : غلوش، أحمد أحمد الجزء : 1 صفحة : 396
ثانيًا: سرية أبي سلمة رضي الله عنه
بعد شهرين من غزوة "أحد" علم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن طلحة وسلمة ابني خويلد أخذا في تحريض قومهما بني خزيمة لحرب المسلمين والإغارة على المدينة المنورة لسلب الأموال، وإثبات كيان قوي لهم أمام المسلمين، بعدما تصوروا أن هزيمة المسلمين في أحد فرصة تساعدهم على ما أرادوه من بغي وعدوان.
يروي الواقدي حال بني خزيمة وهم يستعدون، ويتشاورون في مهاجمة المسلمين ويقول بعضهم لبعض: نسير إلى محمد في عقر داره، ونصيب من أطراف المسلمين، فإن لهم سرحًا يرعى جوانب المدينة ونخرج على متون الخيل، ونخرج على النجائب المخبورة فقد أربعنا خيلنا وإبلنا فإن أصبنا نهبًا لم ندرك، وإن لاقينا جمعهم كنا قد أخذنا للحرب عدتها، معنا خيل ولا خيل معهم، ومعنا نجائب أمثال الخيل، والقوم منكوبون قد أوقعت بهم قريش حديثًا، فهم لا يستبلون دهرًا، ولا يثبتون على أمر.
فقام فيهم رجل منهم يقال له: قيس بن الحارث بن عمير، فقال: يا قوم، والله ما هذا برأي! ما لنا قبلهم وتر، وما هم نهبة لمنتهب، وإن دارنا لبعيدة من يثرب، وما لنا جمع كجمع قريش، مكثت قريش دهرًا تسير في العرب تستنصرها، ولهم وتر يطلبونه ثم ساروا وقد امتطوا الإبل، وقادوا الخيل، وحملوا السلاح مع العدد الكثير -ثلاثة
ولا يستهينوا بالقوة الإسلامية، ولذلك أمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بإظهار ملامح القوة، وإرهاب العدو، وعمل على تخذيل الكفار وتخويفهم.
ج- ضرورة الاهتمام بالتخطيط، والتنفيذ، والالتزام بالطاعة، ليبرز العمل في وقته وزمانه، وليعود بالفائدة المأمولة لدين الله تعالى، وللمسلمين، ولهذا كان الخروج بعد أقل من يوم، مع الاستعداد للتضحية والفداء.
د- ضرورة أخذ الحذر، وعدم تصديق من غدر وخان، فلقد أسر المسلمون أبا غرة الجمحي بـ"حمراء الأسد" فطلب أن يمنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم عليه، وقال له: لا تقتلني، فأبى النبي صلى الله عليه وسلم وقال له: "لن تقول خدعت محمدًا مرتين". وكان قد منّ عليه وفك أسره في "بدر", وقال صلى الله عليه وسلم: "إن المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين".
اسم الکتاب : السيرة النبوية والدعوة في العهد المدني المؤلف : غلوش، أحمد أحمد الجزء : 1 صفحة : 396