اسم الکتاب : السيرة النبوية والدعوة في العهد المدني المؤلف : غلوش، أحمد أحمد الجزء : 1 صفحة : 365
من خلفوا"[1].
ثم قال صلى الله عليه وسلم لأبي عمرو سعد بن معاذ: "يا أبا عمرو، إن الجراح في أهل دارك فاشية، وليس منهم مجروح، إلا يأتي يوم القيامة وجرحه كأغرز ما كان، اللون لون الدم، والريح ريح المسك، فمن كان مجروحًا، فليقر في داره، وليداري جرحه، ولا يبلغ معي بيتي، عزمة مني"، وكان في بني عبد الأشهل وحدهم ثلاثون جريحًا يوم "أحد".
فنادى فيهم سعد: عزمة من رسول الله ألا يتبعه جريح من بني عبد الأشهل.
فتخلف الجرحى، وباتوا يوقدون النيران، ويداوون الجراح، ومضى سعد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى جاء بيته، فما نزل صلى الله عليه وسلم عن فرسه إلا حملا، واتكأ على سعد بن عبادة، وسعد بن معاذ، حتى دخل بيته، فلما أذن بلال رضي الله عنه بصلاة المغرب خرج صلى الله عليه وسلم على مثل تلك الحال، يتوكأ على السعدين فصلى، ثم عاد إلى بيته.
وأراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يسري على بني عبد الأشهل، ونساؤهم يبكون على قتلاهم فقال لهم: "أما حمزة فلا بواكي له" [2] عسى أن يكون ذلك قدوة للنسوة فيدعن النواح والعويل، إلا أن سعد بن معاذ رضي الله عنه مضى إلى نسائه فساقهن، حتى لم تبق امرأة إلا جاء بها إلى بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبكين حمزة رضي الله عنه بين المغرب والعشاء، والناس في المسجد يوقدون النيران، يتكمدون بها من الجراح، وأذن بلال رضي الله عنه حين غاب الشفق فلم يخرج صلى الله عليه وسلم فجلس بلال عند بابه صلى الله عليه وسلم حتى ذهب ثلث الليل، ثم ناداه: الصلاة يا رسول الله، فهب صلى الله عليه وسلم من نومه وخرج، فإذا هو أخف في مشيته منه حين دخل.
وسمع صلى الله عليه وسلم البكاء فقال: "ما هذا"؟.
فقيل: نساء الأنصار يبكين على حمزة.
فقال صلى الله عليه وسلم: "رضي الله عنكن، وعن أولادكن". وأمر أن ترد النسوة إلى منازلهن، فرجعن بعد ليل مع رجالهن، وصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم العشاء ثم رجع إلى بيته، وقد صف [1] المغازي ج1 ص316. [2] بغية الرائد بتحقيق مجمع الزوائد ج6 ص175.
اسم الکتاب : السيرة النبوية والدعوة في العهد المدني المؤلف : غلوش، أحمد أحمد الجزء : 1 صفحة : 365