اسم الکتاب : السرايا والبعوث النبوية حول المدينة ومكة المؤلف : العمري، بريك الجزء : 1 صفحة : 289
ويسمع ويعي، يحجون إليه ويتحفونه بالنفائس ويتغالون فيه كثيرا، فتجمع عند هذا الصنم مالّ يتجاوز الوصف، وكانوا يغسلونه كل يوم بماء وعسل ولبن وينقلون إليه الماء من نهر حيل مسيرة شهر، وثلاثمائة يحلقون رؤوس حجاجه ولحاهم، وثلاثمائة ويغنون"[1].
وسومنات هذا كان في معبد شهير في الهند في مدينة كُجرات على شاطىء بحر العرب، وكان المعبد مبنيًّا على ست وخمسين سارية من الساج المصفح بالرصاص والذهب المرصعة بالأحجار الكريمة. أما سومنات الصنم نفسه فكان من حجر طوله خمسة أذرع، ثلاثة مدورة ظاهرة واثنتان في البناء وكان في حجرة مظلمة تضيئها قناديل الجوهر الفائق، كما كان عنده سلسلة ذهبية وزنها مائتا منِّ، وعنده خزانه فيها عدة الأصنام الذهبية والفضية المرصعة بالجواهر، وعلى رأس الصنم تاج لا يُقوَّم يندهش منه الناظر، وله من الوقف ما يزيد على عشرة آلاف قرية. وقد أصبحت كل تلك النفائس العظيمة غنيمة للمسلمين من جند البطل المسلم فاتح الهند السلطان محمود بن سبكتكين الغزنوي الذي سار بجيش ضخم قوامه ثلاثون ألف فارس غير المتطوعين والرجالة، فقطعوا القفار والمفاوز وقاسوا المشاق حتى وصلوا إلى هذا الصنم وحطموه بعد أن هزموا المدافعين عنه شر هزيمة وأحرقوا الصنم حتى صار كلسًا وألقيت النيران في المعبد[2]، وكانت الهنادك يعتقدون أن سومنات مانعهم من المسلمين وأنه لا يلبث أن ينزل بهم غضبه الشديد، ولكنهم ما لبثوا أن تحسروا وسُقط في أيديهم وهم يرونه صريعًا مَهينًا، وكان كهنته قد توسلوا إلى السلطان ألا يمس معبودهم ويعطونه ما شاء من مال، ولكنه أبى فإنه لم يخرج لطلب المال وإنما خرج لإعلاء كلمة الله وهدم هذه الأصنام التي تعبد من دون الله"[3]. [1] المصدر السابق. [2] أعادت الحكومة الهندية بعد استقلالها بناء هذا المعبد من جديد وافتتحه رئيس الجمهورية في احتفال كبير. [3] انظر الذهبي، سير أعلام النبلاء (17/490-491) ، وعبد المنعم النمر، تاريخ
اسم الکتاب : السرايا والبعوث النبوية حول المدينة ومكة المؤلف : العمري، بريك الجزء : 1 صفحة : 289