اسم الکتاب : السرايا والبعوث النبوية حول المدينة ومكة المؤلف : العمري، بريك الجزء : 1 صفحة : 252
فهناك شخصية خالد قائد الجيش وما يتطلبه منه الموقف من حزم وسرعة بديهة وتصرُّف عاجل، وهناك على ما أعتقد قلة خبرته الفقهية الضرورية لإصدار الأحكام الاجتهادية قياسا مع الصحابة الذين أنكروا عليه، كعبد الرحمن بن عوف، وعبد الله بن عمر رضي الله عنهم، لسابقتهم في الإسلام، وحداثة عهده به[1].
وهناك شخصية أفراد القبيلة وماضيهم المليء بالغدر والفتك[2]، والذي بعرفه خالد جيدا.
وهناك الأهم، وهو تصرفهم أثناء الحادثة، قوم مدجَّجون بالسلاح، مستعدون للقتال، وفجأة عند ما ظهر عليهم المسلمون قالوا: صبأنا صبأنا. وكانت هذه اللفظة متداولة في مكة، وتطلق على كل من أسلم حديثا على سبيل الذم والاحتقار، فكان واجب القيادة يحتم على خالد سرعة الحسم، فربَّما أنه رأى في تقديره الشخصي وما أدَّى إليه اجتهاده أنهم لو كانوا قد أسلموا لما لبسوا السلاح، واستعدوا للقتال وهم يعرفون أن المسلمين قريبون منهم ويسمعون أخبارهم.
وما خبر فتح مكة بالخبر الذي يخفى، وربما أنه اعتقد أنهم لو أسلموا لكانوا عرفوا النطق بالشهادتين، وهي الوثيقة الوحيدة التي تفرق بين المسلم والكافر[3] أو ربما أنه ظن أنهم قالوا كلمتهم تلك احترازا وخوفا من [1] لم يسلم خالد رضي الله عنه كما تذكر روايات أهل المغازي إلاّ قبيل فتح مكة.
انظر ابن هشام، سيرة (3/277) ، والواقدي، مغازي (2/746-749) . والصحابة رضوان الله عليهم كانوا يتفاوتون في الفقه، ويدل على ذلك حديث: "ربَّ مبلغ أفقه من سامع". [2] ورد في بعض روايات أهل المغازي أنهم كانوا من أشرِّ حيِّ في الجاهلية وكانوا يسمّون "لعقة الدم". انظر الحلبي، إنسان (3/210) . [3] قال الخطابي: وهذا نظير حديثه الآخر أنه صلى الله عليه وسلم بعث خالدا إلى أناس من خثعم فاستعصموا بالسجود فقتلهم، فوداهم النبي صلى الله عليه وسلم بنصف الدية، وإنما عذر خالدا في هذا لأن السجود لا تمحص دلالته على قبول الدين؛ لأن كثيرا من الأمم يعظمون رؤساءهم ويظهرون لهم الخضوع والانقياد، بأن يخروا على وجوهمم. الخطابي أحمد بن محمد، أعلام الحديث في شرح صحيح البخاري (3/1766) .
اسم الکتاب : السرايا والبعوث النبوية حول المدينة ومكة المؤلف : العمري، بريك الجزء : 1 صفحة : 252