اسم الکتاب : السرايا والبعوث النبوية حول المدينة ومكة المؤلف : العمري، بريك الجزء : 1 صفحة : 251
وقد ذهب أهل المغازي بعيدا في تفسيراتهم للواقعة، فأخذوا يسوقون الروايات الضعيفة المُشْعِرِةِ بإدانة خالد رضي الله عنه، وأنه فعل ذلك إدراكا لثأر قديم مع بني جذيمة[1]، ولو أننا تأملنا في هذه الحادثة بعمق –وذلك ما يجب علينا كباحثين مسلمين، حيث لا بدَّ لنا من الإحاطة الكاملة بكل جوانب القضية –لظهرت لنا عدة تساؤلات منها على سبيل المثال:
.. ما مدى صحة الروايات التي ساقها أهل المغازي تفسيرًا للخبر؟ ربما كان بعض هذه الروايات أو تفسيراتها دسًّا من بعض الرواة غير العدول على خالد رضي الله عنه.
..لماذا أثيرت كل هذه الضجة حول هذه الحادثة؟ ولماذا خالد بالذات الذي أثيرت حوله.
ما هو التفسير الصحيح للخبر؟ وهنا مربط الفرس، حيث لا بدَّ لمن يتعرَّض لتفسير الخبر أن يتجرد عن العواطف والاتجاهات المسبقة، ولا بدَّ له من دراسة النوازع الشخصية لكل أفراد الحادثة، بدءا من خالد رضي الله عنه، إلى أفراد القبيلة، ومعرفة الظروف والملابسات التي أحاطت بالحادثة.
=وأخرجه عبد الرزاق، المصنف (5/221) .
كما أخرجه أهل المغازي كابن إسحاق. انظر ابن هشام، سيرة (4/428-433) ، والواقدي، مغازي (3/875-884) ، وابن سعد، طبقات (2/147-149) ، والبيهقي، دلائل (5/113-118) ، ولكني لم أعتمد رواياتهم في سياق الأحداث، لضعفها حديثيًّا، ولكونها تذكر أمورا عن خالد بن الوليد رضي الله عنه لا يمكنْ التسليم بها، ولا يعني ذلك أني أطرحت رواياتهم، بل استفدت منها في رواية بعض الحقائق التاريخية التي أغفلتها رواية الصحيح، مثل تاريخ السرية، وقوتها، وعدد قتلى بني جذيمة وغير ذلك. [1] انظر إلى الروايات التي ساقها ابن إسحاق، والواقدي حول هذا الموضوع. ابن هشام، سيرة (4/431) ، والواقدي، مغازي (3/876-882) وكلها روايات ضعيفة لا يحتج بها، فالواقدي متروك، وابن إسحاق ساقها بلا سند. والغريب أن الواقدي بعد ما يسوق عدة روايات تدين لخالد رضي الله عنه، يختمها برواية حول الحادثة كلها تذكر أن خالدا رضي الله عنه ما قتل بني جذيمة إلاّ بعد أن امتنعوا أشدّ الامتناع وقاتلوا وتلبسوا السلاح، وأنه انتظر بهم صلاة العصر والمغرب والعشاء، ولا يسمع أذانا ثم حمل عليهم فادَّعوا بعدُ الإسلام. انظر الواقدي، مغازي (3/883) .
اسم الکتاب : السرايا والبعوث النبوية حول المدينة ومكة المؤلف : العمري، بريك الجزء : 1 صفحة : 251