اسم الکتاب : السرايا والبعوث النبوية حول المدينة ومكة المؤلف : العمري، بريك الجزء : 1 صفحة : 167
حتى صعدا في جبل فرجعوا عنهما بعد أن أعجزوهم ثم دخلا غارا في الجبل وباتا ليلتهما فيه بعد أن استترا فيه بحجارة، فلما أصبحا غدا رجل من قريش يدعى عثمان بن مالك التميمي يجمع حشيشا لفرسه، فلم يزل يدنو منهما حتى قام على باب الغار، فقال عمرو لصاحبه: "هذا والله ابن مالك، والله إن رآنا ليُعلمن بنا أهل مكة"[1]، فيخرج إليه عمرو فيطعنه بالخنجر تحت ثديه، فصاح صيحة أسمع أهل مكة فأقبلوا إليه، ورجع عمرو إلى مكانه، واتبع أهل مكة الصوت مسرعين "فوجدوه وبه رمق، فقالوا: ويلك من ضربك، قال: عمرو بن أمية، ثم مات"[2].
فشغلوا به عن البحث عنهما، فمكثا في الغار يومين حتى سكن عنهما الطلب، ثم خرجا، وفي التنعيم وهما في طريقهما إلى المدينة مرَّا على خشبة خُبيب فصعدها عمرو وأنزله عنها.
يقول عمرو بن أمية رضي الله عنه: "فصعدت خشبته ليلا، فقطعت الشَّرَكَ[3] وألقيته فسمعت وجبته خلفي[4]، فالتفتُّ فلم أر شيئا[5]. ولكأنما ابتلعته الأرض، فلم يُرَ لخُبيب أثر حتى الساعة"[6].
وأقبل عمرو يمشي نحو المدينة، وكان صاحبه قد انطلق بالبعير قبله إلى المدينة، ثم أتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم فأخبره الخبر، ولما بلغ عمرو حرة ضجنان[7] دخل [1] المصدر السابق. [2] من رواية الطبري عن ابن إسحاق. تاريخ (2/543) . [3] الشرك: الحبل. [4] وجبته: صوته. [5] من رواية خليفة عن عمرو بن أمية. خليفة بن خياط، تاريخ (76) . [6] من رواية أحمد عن عمرو بن أمية. البنا، الفتح (22/132) ، وانظر الهيثمي، مجمع (5/321) ، والطبري، تاريخ (2/541-542) . [7] ضجنان: بفتح أوله وسكون ثانيه على وزن فعلان: حرة مستطيلة من الشرق إلى الغرب، ينقسم عنها سيل وادي الهدة، ويمر بها الطريق من مكة إلى المدينة بنصفها الغربي على 54 كيلاً ويعرف هذا النغف اليوم يخشم المحسنية، وكذلك الحرة تسمى حرة المحسنية. انظر البكري، معجم (3/856) والبلادي، معالم مكة (159) .
اسم الکتاب : السرايا والبعوث النبوية حول المدينة ومكة المؤلف : العمري، بريك الجزء : 1 صفحة : 167