اسم الکتاب : السرايا والبعوث النبوية حول المدينة ومكة المؤلف : العمري، بريك الجزء : 1 صفحة : 109
أعتقد أن في الرواية إدراجا في المتن وعلة في السند، أما إدراج المتن فقوله: "وقيل إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان هو الذي وجه السرية للعير التي فيها أبو العاص قافلة من الشام، وكانوا سبعين ومائة راكب أميرهم زيد بن حارثة، وذلك في جمادى الأولى سنة ست من الهجرة ... إلخ"[1]، فهذا الكلام لم يرد في بقية الروايات عن ابن إسحاق ومنها ما رواه ابن بكير واسطة الحاكم إليه[2]، فربما كان هذا الكلام مدرجا من أحد الرواة الحاكم فظنه من كلام عائشة رضي الله عنها والله أعلم.
أما علة السند فهي أن السند الذي جعله الحاكم لكامل القصة ليس كذلك، فالقصة وردت عن ابن إسحاق عند غير الحاكم مجزأة وبأسانيد مختلفة، والسند الموصول الذي ذكره الحاكم يختص بالجزء الذي يحكي قصة فداء أبي العاص من أسره يوم بدر فقط، وليس لكامل القصة، أما بقية الرواية فليست موصولة، فبعضها عن يزيد بن رومان، وبعضها عن عبد الله بن أبي بكر بن حزم موقوفة عليهما[3] خاصة فيما يتعلق بالعير التي خرج فيها أبو العاص تاجرا واعتراض السرية له والتي لم يرد فيها ذكر عن قائد السرية، بل إن في سياقها ما يؤيد ما ذهب إليه الزهري حيث ذكر أن خروجها كان قبيل الفتح أي في زمن الهدنة، وذكر فيها قول النبي صلى الله عليه وسلم لزينب: "ولا يخلصن إليك فإنك لا تحلين له" [4]، فمن المعلوم أن قريشا لم تستأنف رحلاتها التجارية إلى الشام إلا زمن الهدنة، فهل يعقل أن يقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم على بعث سرايا لاعتراض القوافل القرشية وهو مرتبط بمعاهدة صلح وتهادن مع قريش، كما أن تحريم المؤمنات على المشركين إنما نزل بعد الحديبية بقوله تعالى {لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ} [5]، فلو كان اعتراض أبي العاص قبل الحديبية لما قال [1] الحاكم أبو عبد الله، المستدرك (3/236) . [2] انظر البيهقي، سنن (9/143) . [3] ولكن الحاكم وصلها، انظر المستدرك (3/163) . [4] انظر ابن هشام، سيرة (2/658) ، وانظر الذهبي، تاريخ الإسلام، المغازي (359-360) . [5] الممتحنة (10) .
اسم الکتاب : السرايا والبعوث النبوية حول المدينة ومكة المؤلف : العمري، بريك الجزء : 1 صفحة : 109