مولده وقع حادث شق صدره، روى مسلم عن أنس أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم أتاه جبريل، وهو يلعب مع الغلمان، فأخذه فصرعه، فشق عن قلبه، فاستخرج القلب، فاستخرج منه علقة، فقال: هذا حظ الشيطان منك، ثم غسله في طست من ذهب بماء زمزم، ثم لأمه، ثم أعاده إلى مكانه، وجاء الغلمان يسعون إلى أمه- يعني ظئره- فقالوا: إن محمدا قد قتل، فاستقبلوه وهو منتقع اللون [1] .
إلى أمه الحنون:
وخشيت عليه حليمة بعد هذه الوقعة حتى ردته إلى أمه، فكان عند أمه إلى أن بلغ ست سنين [2] .
ورأت آمنة وفاء لذكرى زوجها الراحل أن تزور قبره بيثرب، فخرجت من مكة قاطعة رحلة تبلغ خمسمائة كيلو مترا، ومعها ولدها اليتيم- محمد صلّى الله عليه وسلم- وخادمتها أم أيمن، وقيمها عبد المطلب، فمكثت شهرا، ثم قفلت، وبينما هي راجعة إذ يلاحقها المرض، ويلح عليها في أوائل الطريق، فماتت بالأبواء بين مكة والمدينة [3] .
إلى جده العطوف:
وعاد به عبد المطلب إلى مكة، وكانت مشاعر الحنو في فؤاده تربو نحو حفيده اليتيم، الذي أصيب بمصاب جديد نكأ الجروح القديمة، فرق عليه رقة لم يرقها على أحد من أولاده، فكان لا يدعه لوحدته المفروضة، بل يؤثره على أولاده، قال ابن هشام: كان يوضع لعبد المطلب فراش في ظل الكعبة، فكان بنوه يجلسون حول فراشه ذلك حتى يخرج إليه، لا يجلس عليه أحد من بنيه إجلالا له، فكان رسول الله صلّى الله عليه وسلم يأتي وهو غلام جفر حتى يجلس عليه، فيأخذه أعمامه ليؤخروه عنه، فيقول عبد المطلب إذا رأى ذلك منهم: دعوا ابني هذا فوالله إن له لشأنا، [1] صحيح مسلم، باب الإسراء 1/ 92. [2] تلقيح فهوم أهل الأثر ص 7، ابن هشام 1/ 168. [3] ابن هشام 1/ 168، تلقيح فهوم أهل الأثر ص 7، محاضرات تاريخ الأمم الإسلامية للخضري 1/ 63، فقه السيرة للغزالي ص 50.