اسم الکتاب : الدعوة الإسلامية في عهدها المكي مناهجها وغاياتها المؤلف : رؤوف شلبي الجزء : 1 صفحة : 244
ولم يؤمن النضر بن الحارث ولا أبو جهل ولا الوليد, وقد اتفقوا على أن الذي يقوله محمد ليس مثل كلام البشر, وأنه لا يكذب قط أبدا. فقد حاولوا أن يخلعوا أنفسهم من استقطاب الإيمان الذي حاصرهم وجدانيا, فأغلقوا دونه القلوب والأسماع، ولكنهم فتحوا بهذا الموقف العنيد آفاقا فسيحة, ونشروا بهذا الجحود والمكابرة والمواجهة استقطابا شاملا في أنحاء البيئة من قريب ومن بعيد، يقول ابن هشام:
فلما انتشر أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في العرب وبلغ البلدان, ذكر بالمدينة ولم يكن حي من العرب أعلم بأمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حين ذكر, وقبل أن يذكر من هذا الحي من الأوس والخزرج, وذلك كلما كانوا يسمعون من أحبار اليهود وكانوا حلفاءهم ومعهم في بلادهم، فلما وقع ذكره بالمدينة, وتحدثوا بما بين قريش فيه من الاختلاف.
قال أبو قيس بن الأسلت أخو بني واقف -وكان يحب قريشا- قصيدة يعظم فيها الحرمة, وينهى قريشًا فيها عن الحرب ويذكر فضلهم وأخلاقهم, ويأمرهم بالكف عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ويذكرهم بآلاء الله عندهم ودفعه عنهم الفيل وكيده عنهم[1].
هكذا آثار الرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم- بيئة الدعوة باستقطاب شامل كامل ساعدت في اتساع رقعة الجبهة المعارضة {وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} , وتلك واحدة من امتيازات الدعوة الإسلامية يوم أن تكون خالصة لوجه الله يأتيها نصره من حيث لا نعلم. [1] يتصرف ابن هشام ج1 ص282، 283.
اسم الکتاب : الدعوة الإسلامية في عهدها المكي مناهجها وغاياتها المؤلف : رؤوف شلبي الجزء : 1 صفحة : 244