responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الدرر في اختصار المغازي والسير المؤلف : ابن عبد البر    الجزء : 1  صفحة : 167
أَقْدَامهم نقبت[1] فَكَانُوا يلفون عَلَيْهَا الْخرق. وَقيل: بل قيل لَهَا ذَات الرّقاع لأَنهم رقعوا راياتهم فِيهَا. وَيُقَال: ذَات الرّقاع شَجَرَة بذلك الْموضع تدعى ذَات الرّقاع. وَقيل: بل الْجَبَل الَّذِي نزلُوا عَلَيْهِ كَانَت أرضه ذَات ألوان من حمرَة وصفرة وَسَوَاد، فسموا غزوتهم تِلْكَ ذَات الرّقاع. وَالله أعلم.
وَلَقي النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم جمعان من غطفان، فتوقفوا، إِلَّا أَنَّهُ لم يكن بَينهم قتال. وَصلى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمئِذٍ صَلَاة[2] الْخَوْف يَوْم ذَات الرّقاع. وَفِي انصرافهم من تِلْكَ الْغَزْوَة أَبْطَأَ جمل جَابر بْن عَبْد اللَّهِ، فنخسه النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم، فَانْطَلق مُتَقَدما بَين الركاب ثمَّ قَالَ لَهُ: "أَتَبِيعَنِيهِ؟ " فابتاعه مِنْهُ، وَقَالَ: "لَك ظَهره إِلَى الْمَدِينَة". فَلَمَّا وصل إِلَى الْمَدِينَة أعطَاهُ الثّمن، ووهب لَهُ الْجمل، لم يَأْخُذهُ مِنْهُ.
وَفِي هَذِه الْغَزْوَة أَتَى رجل[3] من بني محَارب بْن خصفة ليفتك برَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَشرط ذَلِك لِقَوْمِهِ، وَأخذ سيف رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْلَتَهُ[4] بعد أَن استأذنه فِي أَن ينظر إِلَى السَّيْف، فَلَمَّا أَصْلَتَهُ هَمَّ بِهِ، فَصَرفهُ اللَّه عَنهُ، ولحقه بُهْتٌ، فَقَالَ: من يمنعك مني يَا مُحَمَّد؟ قَالَ: "اللَّه" فَرُدَّ السَّيْف فِي غمده، فَقيل: فِيهِ نزلت: {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا اذْكروا نعْمَة اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَن يبسطوا إِلَيْكُم ... } الْآيَة. وَقيل نزلت هَذِه الْآيَة فِيمَا أَرَادَ بَنو النَّضِير أَن يَفْعَلُوا بِهِ من رمى الْحجر عَلَيْهِ وَهُوَ جَالس إِلَى حَائِط حصنهمْ.

[1] نقبت أَقْدَامهم: رقت جلودها وقرحت من الحفاء.
[2] ذكرت رِوَايَات مُخْتَلفَة فِي هَذِه الصَّلَاة، فَقيل: صلى -صلى الله عَلَيْهِ وَسلم- بطَائفَة رَكْعَتَيْنِ ثمَّ سلم وَطَائِفَة مقبلون على الْعَدو، وَجَاءُوا فصلى بهم رَكْعَتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ ثمَّ سلم. وَقيل فِي هَيْئَة تِلْكَ الصَّلَاة أَنه تقوم مَعَ الإِمَام طَائِفَة، وَطَائِفَة ثَانِيَة مِمَّا يَلِي عدوهم. فيركع الإِمَام وَيسْجد بالطائفة الأولى وتتأخر وَتصلي بِنَفسِهَا رَكْعَة ثَانِيَة وتتقدم مَكَانهَا الطَّائِفَة الثَّانِيَة وَتصلي مَعَه رَكْعَة وتسجد ثمَّ تصلي بِنَفسِهَا رَكْعَة ثَانِيَة. وَانْظُر ابْن هِشَام 3/ 215.
[3] يُسمى غورث بن الْحَارِث الْمحَاربي.
[4] أصلته: شهره.
اسم الکتاب : الدرر في اختصار المغازي والسير المؤلف : ابن عبد البر    الجزء : 1  صفحة : 167
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست