responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الدرر في اختصار المغازي والسير المؤلف : ابن عبد البر    الجزء : 1  صفحة : 150
النَّاسَ، وَلَقي سعدَ بْن معَاذ فَقَالَ لَهُ: يَا سعد وَالله إِنِّي لأجد ريح الْجنَّة من قِبَلِ أحد، فقاتل حَتَّى قتل، رَضِي اللَّه عَنهُ، وُجِدَ بِهِ أَزِيد من سبعين جرحا من بَين ضَرْبَة وطعنة ورمية فَمَا عَرفته إِلَّا أُخْته ببنانه، ميزته، وجرح يَوْمئِذٍ عَبْد الرَّحْمَن بْن عَوْف نَحْو عشْرين جِرَاحَة بَعْضهَا فِي رجله، فعرج مِنْهَا -رَحمَه اللَّه- إِلَى أَن مَاتَ.
وَأول من ميز رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعد الجولة كَعْب بْن مَالك الشَّاعِر، فَنَادَى بِأَعْلَى صَوته: يَا معشر الْمُسلمين أَبْشِرُوا، هَذَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَأَشَارَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَن أنصت[1]. فَلَمَّا عرفه الْمُسلمُونَ مالوا إِلَيْهِ وصاروا حوله ونهضوا مَعَه نَحْو الشّعب، فيهم أَبُو بكر وَعمر وَعلي وَطَلْحَة وَالزُّبَيْر والْحَارث بْن الصمَّة الْأنْصَارِيّ وَجَمَاعَة من الْأَنْصَار. فَلَمَّا أسْند رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الشّعب أدْركهُ أُبَيُّ بن حلف الجُمَحِي، فَتَنَاول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الحربة من الْحَارِث بْن الصمَّة، ثمَّ طعنه بهَا فِي عُنُقه، فَكَرَّ أُبَيٌّ مُنْهَزِمًا، فَقَالَ لَهُ الْمُشْركُونَ: وَالله مَا لَك من بَأْس، فَقَالَ: وَالله لَو بزق[2] عَليّ لَقَتَلَنِي، أَلَيْسَ قد قَالَ: "بل أَنا أَقتلهُ". وَكَانَ قد أَوْعَدَ رسولَ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ القتلَ بِمَكَّة، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "بل أَنا أَقْتلك". فَمَاتَ عَدو اللَّه من ضَرْبَة رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مرجعه إِلَى مَكَّة بِموضع يُقَال لَهُ: سرف[3].
وملأ عَليّ درقته[4] من مَاء المهراس[5] وأتى بِهِ رَسُول اللَّه ليشربه، فَوجدَ فِيهِ رَائِحَة، فعافه وَغسل بِهِ من الدَّم وَجهه، ونهض إِلَى صَخْرَة من الْجَبَل ليعلوها، وَكَانَ عَلَيْهِ دِرْعَانِ وَكَانَ قد بدن[6]، فَلم يقدر [أَن] يعلوها، فَجَلَسَ لَهُ طَلْحَة، وَصعد رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على ظَهره، ثمَّ اسْتَقل بِهِ طَلْحَة حَتَّى اسْتَوَى على الصَّخْرَة. وحانت الصَّلَاة، فصلى جَالِسا والمسلمون وَرَاءه قعُودا.
رَوَى سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَمَعْمَرُ بْنُ كِرَاعٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، قَالَ: رَأَيْتُ عَنْ يَمِينِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَنْ شِمَالِهِ رَجُلَيْنِ عَلَيْهِمَا ثِيَابٌ بِيضٌ يَوْمَ أُحُدٍ لَمْ أرهما قبل وَلَا بعد

[1] فِي بعض المصادر: اصمت.
[2] فِي رو بعض المصادر: بَصق.
[3] سرف: مَوضِع على سِتَّة أَمْيَال من مَكَّة.
[4] الدرقة: الترس من جلد.
[5] المهراس: اسْم مَاء بأقصى شعب أحد.
[6] بدن: أسن وَضعف.
اسم الکتاب : الدرر في اختصار المغازي والسير المؤلف : ابن عبد البر    الجزء : 1  صفحة : 150
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست