responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الدرر في اختصار المغازي والسير المؤلف : ابن عبد البر    الجزء : 1  صفحة : 149
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الدَّم. ونشبت حلقتان من حلق المعفر[1] فِي وَجهه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فانتزعهما أَبُو عُبَيْدَة بْن الْجراح وعض عَلَيْهِمَا بثنيتيه، فسقطتا، وَكَانَ الهتم يزينه. وَأعْطى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرَّايَة -حِين قتل مصعبُ بْن عُمَيْر- عَلِيَّ بْنَ أبي طَالب.
وَصَارَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَحت راية الْأَنْصَار. وَشد حَنْظَلَة الغسيل بْن أبي عَامر على أبي سُفْيَان بْن حَرْب، فَلَمَّا تمكن مِنْهُ حمل شَدَّاد بْن الْأسود اللَّيْثِيّ -وَهُوَ ابْن شعوب- على حَنْظَلَة، فَقتله وَكَانَ جنبا فغسلته الْمَلَائِكَة، أخبر بذلك جِبْرِيل رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأخْبر رسولُ اللَّه بذلك أصحابَهُ، وَقَالَ: "كَانَ حَنْظَلَة قد قَامَ من امْرَأَته جنبا فغسلته الْمَلَائِكَة".
وَقتل صَاحب لِوَاء الْمُشْركين، فَسقط لواؤهم، فَرَفَعته عمْرَة بنت عَلْقَمَة الحارثية للْمُشْرِكين فَاجْتمعُوا إِلَيْهِ، وحملوا على رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَكَرَّ دونه نفر من الْأَنْصَار، قيل سَبْعَة، وَقيل عشرَة، فَقُتِلُوا كلهم، وَكَانَ آخِرهم عمار بْن يزِيد بْن السكن أَو زِيَاد بْن السكن. وَقَاتل يَوْمئِذٍ طَلْحَة قتالا شَدِيدا، وقاتلت أم[2] عمَارَة الْأَنْصَارِيَّة، وَهِي نسيبة بنت كَعْب قتالا شَدِيدا، وَضربت عَمْرو بْن قمئة بِالسَّيْفِ ضربات فوقاه دِرْعَانِ كَانَتَا عَلَيْهِ وضربها عَمْرو بِالسَّيْفِ فجرحها جرحا عَظِيما على عاتقها. وترس[3] أَبُو دُجَانَة بظهره عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والنبل يَقع فِيهِ وَهُوَ لَا يَتَحَرَّك، وَحِينَئِذٍ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لسعد بْن أبي وَقاص: "ارْمِ فدَاك أبي وَأمي". وَأُصِيبَتْ يَوْمئِذٍ عين قَتَادَة بْن النُّعْمَان الظفري فَأتى رسولَ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعينه على وجنته، فَردهَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ وغمزها[4] فَكَانَت أَجْمَلَ عَيْنَيْهِ وَأَصَحَّهُمَا.
وانْتهى أنس بْن النَّضر، وَهُوَ عَم أنس بْن مَالك، يَوْمئِذٍ إِلَى جمَاعَة من الصَّحَابَة قد ألقوا[5] بِأَيْدِيهِم، فَقَالَ [لَهُم] : مَا يجلسكم؟ قَالُوا: قُتِلَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ لَهُم: مَا تَصْنَعُونَ بِالْحَيَاةِ بعده؟! قومُوا فموتوا على مَا مَاتَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم. ثمَّ اسْتقْبل

[1] المغفر: زرد أَو حلق يتقنع بِهِ المتسلح.
[2] من بني النجار وَهِي أم حبيب وَعبد الله ابْني زيد بن عَاصِم شهِدت أحدا مَعَ زَوجهَا وابنيها، كَمَا شهِدت بيعَة الرضْوَان وأبلت فِي حَرْب الْيَمَامَة لعهد الصّديق.
[3] ترس بظهره: أَي اتَّخذهُ ترسا وقاية للرسول.
[4] فِي الِاسْتِيعَاب: وغمزها براحته.
[5] كِنَايَة عَن انصرافهم عَن الْحَرْب.
اسم الکتاب : الدرر في اختصار المغازي والسير المؤلف : ابن عبد البر    الجزء : 1  صفحة : 149
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست