اسم الکتاب : إذهاب الحزن وشفاء الصدر السقيم المؤلف : عبد السلام مقبل مجبرى الجزء : 1 صفحة : 43
ويتضح مما سبق أن تعليم القران الكريم على الهيئة التي كانت في عهد النبي صلّى الله عليه وسلّم أفضل الأعمال: وقد أثبت النبي صلّى الله عليه وسلّم هذه الحقيقة بقوله: «خيركم من تعلم القران وعلمه» [1] ، ولا شك أن أول ما أمر النبي صلّى الله عليه وسلّم بتعليمه إنما كان تعليم ألفاظ القران الكريم كما في صريح تلك الايات المتقدمة، وهو أول جزء من أجزاء وظيفة البلاغ الذي أمر به في رسالته، وقد سئل الثوري- رحمه الله تعالى- عن الجهاد وإقراء القران فرجح الثاني واحتج بهذا الحديث.
فإن اعترض على كون تعليم القران الكريم أفضل أنواع التعليم بحديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنه قال: خرج رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ذات يوم من بعض حجره، فدخل المسجد، فإذا هو بحلقتين إحداهما يقرؤون القران ويدعون الله، والاخرى يتعلمون ويعلّمون، فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «كلّ على خير: هؤلاء يقرؤون القران ويدعون الله فإن شاء أعطاهم وإن شاء منعهم، وهؤلاء يتعلمون ويعلّمون وإنما بعثت معلما» فجلس معهم [2] ، فدل هذا بظاهره على تقديم تعليم غير القران من أمور الشرع.
فالجواب: ليس في الحديث ذكر لتعليم القران الكريم في الحلقة الأولى بل غاية ما فيه ذكر قراءتهم للقران لا تعليم ألفاظه، وليس هذا مدار المسألة، على أن ذكر التعليم في الحلقة الثانية منصرف أول ما ينصرف إلى تعليم القران الكريم، ولذا طلب الأوس والخزرج من يعلّمهم القران الكريم، كما أن الرسول صلّى الله عليه وسلّم عندما طلب منه إرسال من يعلم القبائل كان يرسل معهم القراء، ويحمل على هذا الرواية الاخرى عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مر بمجلسين في [1] البخاري (4/ 1919) ، ابن حبان (1/ 324) ، الترمذي (5/ 173) ، مراجع سابقة. [2] سنن ابن ماجه (1/ 83) .
اسم الکتاب : إذهاب الحزن وشفاء الصدر السقيم المؤلف : عبد السلام مقبل مجبرى الجزء : 1 صفحة : 43