responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : منهج التربية الإسلامية المؤلف : قطب، محمد    الجزء : 1  صفحة : 76
ولقد فتن الإنسان بعقله، إذ استطاع به أن يميز بين الأشياء، ويدرك خصائصها، ويستنبط فوائدها، ويشكل صورًا جديدة من "المادة" التي وجد نفسه محاطًا بها على ظهر الأرض أو في السموات.
وفي العصور الحديثة خاصة زادت فتنة الإنسان بعقله، حين رأى المخترعات التي ينتجها، والكشوف التي يقع عليها، وبلغت الفتنة قمتها بانطلاق الطاقة الذرية وانطلاق الصواريخ.
وكانت هذه الفتنة على حساب الروح. على حساب الطاقة التي تتصل بالله وتتصل بالمجهول.
وهي فتنة عمياء. لا تبصر فلو كانت تبصر ما رضيت أن تقص أجنحة الكائن البشري وتقعده عن الانطلاق، ليجثم على الأرض، في حين أنه قادر على ارتياد الأرض بقدميه في ذات الوقت الذي يرتاد بجناحيه فسحة السماء.
ولو كانت تبصر ما رضيت أن تبدد الطاقة الكونية الكبرى، طاقة الروح، لتضخم الطاقة العقلية وتفرش مساحتها، في حين أن هذا العقل البشري على ضخامته لا يستطيع أن يهتدي وحده. ولا بد له من مدد مشع ينير طريقه في الظلمة. مدد من طاقة الروح.
إن كشوف العلم كلها ومخترعاته ليست هي التي توجه الحياة أو التي تحكمها، إنما الذي يوجهها ويحكمها هو طريقة الاستفادة من كشوف العلم ومخترعاته: أفي سبيل الخير أم في سبيل الشر، وفي سبيل السلم أم في سبيل الحرب. والعقل يميز ولا شك بين الخير والشر، ولكنه ليس هو الذي يقرر الطريق! فكثيرًا ما قرر عقل الإنسان أن كذا من الأمور خطأ ولا يجوز فعله، ثم اندفع إليه لانحراف روحه وانجرافها مع الشهوات!
الروح هي التي تقرر!
الروح الواصلة المهتدية تقرر طريق الخير، وتسخر العقل ليسير في طريقه.
والروح المنقطعة الضالة تقرر طريق الشر. وتدفع بالعقل في ذلك الطريق.
والإسلام دين الفطرة.
والإسلام يحترم الطاقات البشرية كلها، فهي هبة الله المنعم الوهاب،

اسم الکتاب : منهج التربية الإسلامية المؤلف : قطب، محمد    الجزء : 1  صفحة : 76
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست