اسم الکتاب : منهج التربية الإسلامية المؤلف : قطب، محمد الجزء : 1 صفحة : 72
ودونه التاريخ، فهو واقع هذه العقيدة الإسلامية التي تستمد كيانها من الله. وهذه دعوة غاندي الإنسانية المرفرفة ما كادت تصل إلى الواقع حتى تحولت مع جيرانه المسلمين إلى عصبية دينية ووطنية لا ترعى حرمة ولا تخضع لمنطق ولا تحتكم لقانون. وهذه هي الشيوعية -الدعوة الإنسانية المزعومة- تؤيد اغتصاب اليهود لكيان العرب سنة 1948، وتؤيد فرنسا في الجزائر سنة 1960! وتعيش على "حمامات الدم" حتى مع "المواطنين"!
ومن ثمارها الاستعلاء على دفعة الجسد وموازنة ثقلة الأرض.
إن دفعة الجسد جزء من الكيان الحي للإنسان. جزء مطلوب لذاته، وهو موضع الرضاء الكامل، لا الكبت والاستقذار[1]. ولكنه مع ذلك حتى يترك وحده يهبط بالإنسان عن مستواه اللائق بخليفة الله في الأرض. يهبط به إلى مستوى الضرورة وعالم الحيوان.
ويستعبد الإنسان نفسه لشهوته. فلا يملك نفسه منها، ولا يستطع تحررًا ولا انطلاقًا.
وليس في هذه العبودية سعادة للإنسان نفسه، بصرف النظر عن الآفاق العليا التي يعجز عن التحليق فيها، والتبعات الجسام الملقاة على عاتق الإنسان ليس فيها سعادته لأنها تصبح سعارًا دائمًا لا يهدأ، وشواظًا لا ينطفئ ولا يكف عن اللذع والإحراق.
من أجل ذلك يعمل الإسلام على موازنته -لا كبته- بإطلاق الروح في ملكوت الله، وصلة القلب الدائمة به، فتهويمة الروح تخلع الإنسان قليلًا من تشبثه بالأرض، ونشوة القلب تخفف قليلًا من ثقلة الجسم. فيحس الإنسان بخفة في كيانه كما لو كان يسير على كوكب مخفف الجاذبية، فإذا خطواته رشيقة الحركة وإذا قفزته طيران!
ومن ثمارها الاستعلاء على كل قوة في الأرض. [1] انظر الفصل الخاص بتربية الجسم.
اسم الکتاب : منهج التربية الإسلامية المؤلف : قطب، محمد الجزء : 1 صفحة : 72