اسم الکتاب : منهج التربية الإسلامية المؤلف : قطب، محمد الجزء : 1 صفحة : 65
مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ} .
"الصلاة التي تربط الإنسان بخالقه، فإذا هو كائن عجيب لا يشبهه شيء من خلق الله كله. كائن يقف بجسمه على الأرض وروحه تسبح في السماء. كائن قادر -في عجزه وطاقته المحدودة الفانية- أن يقوم بالمعجزة.. أن يقبس من الروح الخالقة. أن يحطم السدود والحواجز. أن تنفسح جوانحه فيشمل الكون. أن تنفسح روحه فتشمل الحياة. أن ينفسح كيانه فيتذوق الخلد. ويتذوق حقيقة الوجود"[1].
والصيام.. {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [2].
إنها التقوى لله غاية الصيام.. التقوى التي تنشأ من الطاعة؛ الطاعة التي تتطوع بالامتناع عن شهوات النفس وشهوات الجسد، في حين تملك ألا تمتنع ولا تطيع!
والصيام حين يؤدى على أصوله، ولا يكون مجرد امتناع عن الطعام والشراب.. حين يكون صيام النفس من الداخل لا صيام الأحشاء.. حين يتوجه به الإنسان إلى الله.. حين يحس أن كل خاطرة في نفسه، وكل إحساس في شعوره، وكل لفتة وكل نظرة وكل خالجة وكل سر، ينبغي أن تكون -في هذا الشهر خاصة- نظيفة متطهرة تصلح للصيام والتبتل، والتوجه الكامل إلى الله.. حينئذ تملأ التقوى القلب، وتنطلق الروح إلى آفاق عالية من النور المشرق الوضيء.
والزكاة.. تطهير من شح النفس، وإطلاق للروح من الأثرة البغيضة التي تحس بوجودها وحدها ولا تحس بالآخرين. إنها إحساس بالأخوة النبيلة التي تجمع الأسرة البشرية الواحدة، فإذا كلها قريب من قريب. وكل فرد فيها ذو رحم مع الآخرين. الأخوة التي تخرج بالإنسان عن الشعور "بالملك" [1] من فصل لم ينشر بعد في كتاب "قبسات من الرسول". [2] سورة البقرة 183.
اسم الکتاب : منهج التربية الإسلامية المؤلف : قطب، محمد الجزء : 1 صفحة : 65