اسم الکتاب : منهج التربية الإسلامية المؤلف : قطب، محمد الجزء : 1 صفحة : 63
والعبادة هي الوسيلة الفعالة لتربية الروح. العبادة بمعناها الواسع الذي يشمل الحياة.
العبادات المفروضة من صلاة وزكاة وصيام وحج. كلها قد قصد بها تربية الروح، وسند النفس وهي تواجه الحياة الواقعة بما فيها من مشكلات وعقبات، وتواجه ثقلة الجسم ودفعة الشهوات[1].
والصلاة خاصة هي جوهر العبادة وركنها الركين، ومن ثم كانت العناية الشديدة التي يوجهها إليها الإسلام:
"والمسلم حين يتوضأ ينظف يديه من الوسخ الظاهر، وينظفهما كذلك مما اجترحتا من آثام. ولا يتم وضوؤه الحقيقي الكامل حتى يستشعر هذا المعنى، ويحس أنه يغسل عن يديه حقًّا ما اقترفتاه من الإثم. أي: إنه يتذكر ما اقترفه من الإثم بيديه، ويتوجه إلى الله يطلب المغفرة.. ولعل هذا التوجه أن يجعله في المرة التالية يتوب..!
"وهو يغسل عينيه لينظفهما.. من التراب والوسخ.. وينظفهما كذلك من كل نظرة آثمة أو نظرة خائنة.. وحين يستشعر في نفسه هذا المعنى فلعله في المرة التالية أن يستحي من الذنوب!
"وهو يغسل أذنيه ويغسل ساعديه وقدميه على هذا النحو ذاته وهو يستشعر المعنى نفسه، فتتم له في كل مرة وفي آن واحد طهارة البدن وطهارة الروح.
"وقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم وهو يوجه المسلمين لهذا المعنى ويكرره عليهم مرات كثيرة، يقصد إلى ذلك قصدًا، ويرمي لتثبيته في قرارة النفس. "إنه لا يريد أن يكون الوضوء -وهو مدخل الصلاة- "روتينًا" آليًّا يؤديه المسلم بحكم العادة وهو شارد الفكر غير عابئ الضمير. وإنما يريد أن يتوجه له المسلم بنفسه كلها وكيانه كله, وأن يعبر هذا المدخل إلى الصلاة بقلب خاشع وضمير متيقظ، فيكون ذلك تهيئة نفسية جميلة للحظة التطلع إلى الله. اللحظة التي تربط الأرض بالسماء، تربط البشر بالخالق. تربط [1] انظر فصل "العبادات الإسلامية" من كتاب "في النفس والمجتمع".
اسم الکتاب : منهج التربية الإسلامية المؤلف : قطب، محمد الجزء : 1 صفحة : 63