responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : منهج التربية الإسلامية المؤلف : قطب، محمد    الجزء : 1  صفحة : 43
يريد ألا تكون الطلاقة فلتة عابرة، وإنما تكون هي الأصل، والقعود عنها هو الفلتات!
وحين يصنع الإنسان ذلك فهو لا شك يحقق أرفع ما في كيانه، ويصل إلى ما يشبه المعجزات.
ومع ذلك ففي الإسلام تتجلى رحمة الله بعباده.. إنه لا يريدهم على المستحيل. وهو يعلم أن الطلاقة الدائمة الكاملة بالنسبة للبشر مستحيل فقبضة الطين لها ثقلة. ودفعة الشهوة لها قوة. وثقلة المادة لها ضغط. ومن ثم يقول: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [1]. ويقول: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [2].
ولكنه لا يقول -كما تقول المذاهب "الواقعية" المنحرفة، المذاهب التي تؤمن بحيوانية الإنسان وماديته[3]- لا يقول: أيها البشر، ما دامت فيكم ثقلة الطين ودفعة الشهوات وضغط المادة، فلا فائدة من رفعتكم، ولا أمل في انطلاقكم. فاجثموا حيث أنتم على الأرض؛ كلوا وتمتعوا كما يتمتع الحيوان!
كلا. لا يقول ذلك، لأنه -وهو دين الفطرة- يؤمن بكل ما تحتويه الفطرة من طاقات، ويؤمن أولًا بطاقة الروح وقدرتها الفائقة على التحليق والانطلاق.
وهو -في واقعيته الكاملة التي تحسب حساب الضعف البشري- لا يكف أبدًا عن المحاولة؛ لا يكف عن النفخ الدائم لإذكاء شعلة الروح. لأن هذا هو الطريق الوحيد للرفعة، والطريق الوحيد لموازنة ما يهبط بالنفس من أثقال. والطريق -كما أسلفنا- هو عقد الصلة الدائمة بين الإنسان والله.
ويستخدم لذلك وسائل شتى.
فهو من ناحية يثير حساسية القلب بيد الله المبدعة في صفحة الكون، لتحس دائمًا بوجود الله، وقدرته المطلقة التي ليست لها حدود.

[1] سورة التغابن 16.
[2] سورة البقرة 286.
[3] انظر "معركة التقاليد" فصل "حقائق وأباطيل".
اسم الکتاب : منهج التربية الإسلامية المؤلف : قطب، محمد    الجزء : 1  صفحة : 43
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست