responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : منهج التربية الإسلامية المؤلف : قطب، محمد    الجزء : 1  صفحة : 41
يغشيها ركام الشهوات فيحجب عنها النور. حتى حينئذ تظل بقية من الفطرة -برغم ضلالها- تتجه إلى خالقها، كما تتجه العين الكليلة إلى الضوء، لا تراه كله، ولكنها لا تعمى عنه. فيعبد الناس الله ويشركون به غيره من الكائنات {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} [1]. {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ} [2] أو يعبدون قوة -ما- يزعمون أنها الله. ولكنهم -فيما عدا الشذوذ الذي لا يحسب له حساب- لا ينكرون وجود خالق لهذا الكون قوي مسيطر مريد.
ومهمة العقيدة هي مساندة الفطرة وتوجيهها وجهتها. مهمتها أن تساعد الفطرة في الاهتداء إلى الله.. الاهتداء الذي هو كامن في كيانها ولو حجبتها عنه الأمراض.
مهمتها أن تطلق الروح من إسارها.. لكي ترى الله.
والإسلام يعني عناية خاصة بالروح.
إنها في نظره مركز الكيان البشري ونقطة ارتكازه.. إنها القاعدة التي يستند إليها الكيان كله ويترابط عن طريقها. إنها المهيمن الأكبر على حياة الإنسان. إنها الموجه إلى النور. يكفي أنها صلة الإنسان بالله.
والإسلام -في عنايته الفائقة بتربية الروح- هو دين الفطرة.
فالحق أن الطاقة الروحية في الإنسان هي أكبر طاقاته، وأعظمها، وأشدها اتصالًا بحقائق الوجود.
طاقة الجسم محدودة بكيانه المادي وبما تدركه الحواس.
وطاقة العقل أكثر طلاقة، ولكنها محدودة بما يعقل. محدودة بالزمان والمكان. بالبدء والنهاية. ومحكومة بالفناء.
وطاقة الروح -وحدها- في كيان الإنسان، هي التي لا تعرف الحدود والقيود. لا تعرف الزمان والمكان. لا تعرف البدء والنهاية. لا تعرف الفناء.. هي وحدها التي تملك الاتصال بما لا يدركه الحس ولا يدركه العقل. هي

[1] سورة الزمر 3.
[2] سورة الزمر 38.
اسم الکتاب : منهج التربية الإسلامية المؤلف : قطب، محمد    الجزء : 1  صفحة : 41
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست