اسم الکتاب : منهج التربية الإسلامية المؤلف : قطب، محمد الجزء : 1 صفحة : 24
وروحه، ومطالب كل جانب وطاقاته، يؤمن كذلك بوحدة الكيان البشري واتصاله، واستحالة فصل جانب منه عن جانب في الفطرة السوية التي تسير على نهجها الذي خلقه الله.
ومن ثم لا يفصل في داخل النفس بين الجسم والعقل والروح. ولا يفصل في واقع الحياة بين هذه الطاقات. بل يأخذها بفطرتها السوية ممتزجة مترابطة، ويرسم لها دستورها على ذلك الأساس.
الروح والعقل والجسم كلها كيان واحد ممتزج مترابط اسمه الإنسان.
والروح والعقل والجسم كلها تعمل ممتزجة مترابطة في واقع الحياة.
ولقد يغلب أحد جوانب الكيان في لحظة وتتوارى بقية الجوانب أو تنحسر. ولكنها لا تنفصل قط وإلا فإنها تموت!
اليد وحدها تعمل وتتحرك وتمسك وتدع. ولكنها لا تعمل مستقلة عن بقية الجسم. إنها مرتبطة به بالعروق والدماء والأعصاب. ولو انفصلت لحظة فقدت القدرة على الحياة. وكذلك الكيان كله. كل جزء منه كاليد من الجسم. جزء مستقل في الظاهر، وفي الواقع متصل أوثق اتصال.
والإسلام يجاري الفطرة في تركيبها جميعه.
يجاريها في السماح ببروز بعض الجوانب أحيانًا وانحسار بعض، فيجعل ساعة للعبادة، وساعة للتفكر، وساعة للعمل، وساعة للاستمتاع.
ولكنه يجاريها كذلك في ترابط الجوانب كلها وامتزاجها، فلا يسمح بفصل جانب عن بقية الجوانب، أو إبراز جانب بكبت الجوانب الأخرى في أي وقت من الأوقات.
ساعة العبادة ليست تهويمة روح خالصة، وإنما هي حركة جسم وحركة عقل وإنطلاقة روح، والصلاة تظهر فيها بوضوح هذه الحقيقة، فهي تشمل الجسم والعقل والروح كلها في آن[1]، ثم كل عمل في عرف الإسلام عبادة ما دام يتجه به الإنسان إلى الله.
وساعة التفكر -أيًّا كان لونه وهدفه- لا تنقطع عن الإحساس بالله والتفكير فيه. لا تنقطع عن صلتها بالروح. [1] انظر فصل "العبادات الإسلامية" من كتاب "في النفس والمجتمع".
اسم الکتاب : منهج التربية الإسلامية المؤلف : قطب، محمد الجزء : 1 صفحة : 24