اسم الکتاب : منهج التربية الإسلامية المؤلف : قطب، محمد الجزء : 1 صفحة : 204
وكذلك كل العادات النفسية من صدق.. ووفاء. ومحبة، وعطف. وبذل. وإيثار.
والإسلام يلجأ في ذلك أولًا إلى إثارة الوجدان وإنشاء الرغبة في العمل. ثم يحول الرغبة إلى عمل واقعي ذي صورة محددة واضحة السمات، فيلتقي الظاهر والباطن ويتطابقان ويتكافآن: رغبة وسلوكًا. ثم يحول الرغبة والعمل من مسألة فردية إلى رباط اجتماعي.
الصلاة رغبة في الاتصال بالله والدعاء إليه وطلب المعونة منه. فيحول هذه الرغبة إلى عمل محدد ذي مراسم وحدود. ثم ينظمها في أوقات محددة. ثم يدعو إلى الجماعة ويجيب إليها.
والزكاة رغبة في التحرر من الشح والعطف على المحتاج والتعاون مع الجماعة. فتتحول الرغبة إلى عمل ظاهر محدد. ذي نسبة معينة في المال وأوقات معينة في الأداء. ثم يحول العمل الفردي إلى نظام تقوم عليه الدولة والمجتمع.
وكذلك كل عادة من عادات الإسلام، تبدأ باستحياء الرغبة ثم تتحول إلى عمل حي، لا يكلف أداؤه شيئًا من الجهد، وهو مع ذلك رغبة واعية لا أداء آلي مجرد من الشعور.
تفريغ الطاقة:
من وسائل الإسلام في تربية الإنسان وفي علاجه كذلك، تفريغ الشحنات المتجمعة في نفسه وجسمه أولًا بأول، وعدم اختزانها إلا ريثما تتجمع للانطلاق.
إنه يملأ النفس والجسم بشحنات مختلفة، هي إفرازهما الطبيعي الفطري، الذي يتكون على الدوام ما دامت الفطرة سليمة لم يصبها عطب، ثم يطلق هذه الشحنات في عمل إيجابي إنشائي، لتعمل في سبيل البناء والتعمير والخير.
إن هذه الطاقة التي يفرزها الكيان الإنساني من تلقائه -ويجمعها الإسلام- هي طاقة حيوية "محايدة" تصلح للخير وتصلح للشر، تصلح للبناء وتصلح للهدم، كما يمكن أن تنفق بددا بلا غاية ولا اتجاه.
والإسلام يوجهها وجهتها الصحيحة. في سبيل الخير.
والمهم كذلك أنه لا يختزنها أكثر مما ينبغي. فالاختزان الطويل بلا غاية عملية مضرة بكيان الإنسان. وكثير جدًّا من ألوان المرضى النفسي التي يتحدث
اسم الکتاب : منهج التربية الإسلامية المؤلف : قطب، محمد الجزء : 1 صفحة : 204