اسم الکتاب : منهج التربية الإسلامية المؤلف : قطب، محمد الجزء : 1 صفحة : 203
زواج المتعة كليهما، والخلوص إلى إغلاق كل الطرق فيما عدا الزواج المؤبد الدائم المعقود باسم الله وبنية الدوام.
أما الربا فقد أخر تحريمه إلى العام العاشر من الهجرة حتى اكتمل نمو المجتمع المسلم والنفس المسلمة.
وأما الرق فقد اتخذ في معالجته وسائل بطيئة جدًّا تنتهي في النهاية بتحرير الرقيق، إذ كان إلغاؤه في حاجة إلى التدرج البطيء، وإلى تحرير الرقيق من داخل نفوسهم قبل تحريرهم من الخارج بقانون. وقد كانت وسيلته هي ردهم رويدًا إلى الإحساس بإنسانيتهم، بالمعاملة الحسنة، ويربطهم بالله، وتعويدهم على "تذوق" الحرية حتى لا ينفروا من مذاقها حين يصبحون أحرارًا يتولون تبعة أنفسهم في مواجهة مشكلات الحياة[1].
أما بذر العادات الصالحة فله كذلك عدة طرق وعدة مراحل.
فأما الإيمان بعد الكفر، فقد كان يستخدم له الهزة الوجدانية المحيية الموحية. التي تنقل النفس فجأة من تصور إلى تصور، ومن شعور إلى شعور. ثم لا يدعها تبرد! ففي الحال يحولها إلى عادة! عادة مشتبكة بزمان ومكان وأشخاص. فهو ينقل المسلم من بيئته الكافرة التي كان فيها ليربط بينه وبين مؤمنين آخرين، يتعاطف معهم وتنشأ بينه وبينهم صلات من المودة و"القربى" التي تعدل قرابة الدم بل تزيد! ويتعود أن يلقى هؤلاء المؤمنين على حديث الإيمان وأفعال الإيمان، فيصلي معهم. وتصبح الصلاة عادة. ويستمع معهم إلى القرآن. ويصبح استماع القرآن عادة. ويتواعد معهم وتصبح المودة عادة. ويحتمل معهم الكروب. ويصبح احتمال الكروب في سبيل العقيدة عادة! ثم يجاهد معهم الكفار ويصبح الجهاد عادة!
وينشئ مجتمعًا تعيش فيه التصورات والفضائل الإسلامية، وبذلك تصبح العادة عملًا فرديًّا وارتباطًا جماعيًّا في آن واحد، فيضمن لها ذلك الدوام والاستمرار. كما يضمن لها الحيوية -التي تتضاعف بلقاء الآخرين -فلا تتبلد ولا تتحجر كما ينشئ منها نظامًا اجتماعيًّا قوي الأسس متين البنيان. [1] اقرأ بالتفصيل فصل "الإسلام والرق" من كتاب "شبهات حول الإسلام".
اسم الکتاب : منهج التربية الإسلامية المؤلف : قطب، محمد الجزء : 1 صفحة : 203