اسم الکتاب : منهج التربية الإسلامية المؤلف : قطب، محمد الجزء : 1 صفحة : 190
وبالموعظة فلا يحتاج في حياته كلها إلى عقاب. ولكن الناس كلهم ليسوا كذلك بلا ريب. ففيهم من يحتاج إلى الشدة مرة أو مرات.
وليست العقوبة أول خاطر يخطر على قلب المربي ولا أقرب سبيل. فالموعظة هي المقدمة، والدعوة إلى عمل الخير، والصبر الطويل على انحراف النفوس لعلها تستجيب.
{وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ} [1].
{ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ} [2].
{وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ} [3].
والموعظة وسائل مختلفة لا وسيلة واحدة, والقرآن مليء باللمسات الدقيقة اللطيفة الموحية المؤثرة التي تهز الوجدان وتؤثر فيه بكل وسائل التأثير.
ولكن الواقع المشهود أن هناك أناسًا لا يصلح معهم ذلك كله؛ أو يزدادون انحرافًا كلما زيد لهم في الوعظ والإرشاد!
وليس من الحكمة أن نتجاهل وجود هؤلاء أو نتصنع الرقة الزائدة فنستنكر الشدة عليهم!
إنهم مرضى. نعم. ومنحرفون. و"العيادات السيكلوجية" قد تصلحهم! ولا أحد يمنع عنهم العلاج النفسي أو أي نوع من أنواع العلاج. ولكن فلنحذر أن نجعل وسيلتنا في تربية النفوس أن نجاريها في انحرافاتها ونتلمس لها الأعذار فإن ذلك نفسه يبعث على الانحراف ويزيد عدد المنحرفين!
إن التربية الرقيقة اللطيفة الحانية كثيرًا ما تفلح في تربية الأطفال على استقامة ونظافة واستواء. ولكن التربية التي تزيد من الرقة واللطف والحنو تضر ضررًا بالغًا لأنها تنشئ كيانًا ليس له قوام.
والنفس في ذلك كالجسم! إذا رفقت بجسمك رفقًا زائدًا فلم تحمله جهدًا خشية التعب، ولا مشقة خشية الإنهاك، فالنتيجة أنه لا يقوى أبدًا [1] سورة فصلت 33-34. [2] سورة النحل 125. [3] سور المزمل 10.
اسم الکتاب : منهج التربية الإسلامية المؤلف : قطب، محمد الجزء : 1 صفحة : 190