responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : منهج التربية الإسلامية المؤلف : قطب، محمد    الجزء : 1  صفحة : 178
إنها العجيبة التي تحدث في النفس المؤمنة! عجيبة الإيمان التي تملؤها فتطلقها بانية منشئة هادية، مكافحة معتزة مجاهدة مستعلية!
{وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ} [1].
تلك هي العزة إزاء الأشخاص.
{وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ، إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ} [2].
وتلك هي العزة إزاء الأحداث.
{وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ} [3].
وتلك هي العزة إزاء الأشياء.
عزة كاملة في كل اتجاه..
وهذه معجزة الإيمان.. التسليم الكامل لله يعطي النفس هذه القوة العجيبة التي تكافح بها كل شيء وتستعلي بها على كل شيء، وتنشئ بها ما تريد.
إنه لا عبودية لقوة المادة ولا قوة الاقتصاد ولا قوة الدولة ولا قوة المجتمع ولا قوة العادة ولا قوة التقاليد. لا "حتمية" لشيء على وجه الأرض إلا سنة الله: {وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا} . ومن سنة الله أن تكون النفس المؤمنة قوة كونية قادرة، تسير مع الناموس الأكبر، وتفهم عنه أسراره، وتستغل قواه وطاقاته. لأن هذه القوى والطاقات كلها مسخرة للإنسان بإذن من الله.
ومن ثم كان المسلمون الأوائل الذين امتلأت قلوبهم بالإيمان حقًّا ينشئون نظامًا غير مسبوق في كل الأرض. نظامًا سياسيًّا واقتصاديًّا واجتماعيًّا وفكريًّا وروحيًّا لا توحي به ضرورة من ضرورات الأرض، وليس نتيجة "حتمية" لشيء من ظروف الأرض. إنما ينشأ إنشاء؛ إرادة واقتدارًا، بدافع الإيمان.
ومن ثم كذلك كان المسلمون الأوائل الذين امتلأت قلوبهم بالإيمان حقًّا يستعلون على القوى المادية والقوى الاجتماعية والقوى البشرية. فيثبتون -وهم القلة القليلة- لكل كيد قريش، وكل قوة قريش، وكل اقتصاديات قريش،

[1] سورة المنافقون 8.
[2] سورة آل عمران 139-140.
[3] سورة الجاثية 13.
اسم الکتاب : منهج التربية الإسلامية المؤلف : قطب، محمد    الجزء : 1  صفحة : 178
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست