responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : منهج التربية الإسلامية المؤلف : قطب، محمد    الجزء : 1  صفحة : 162
الفردية والجماعية:
من الخطوط المزدوجة في كيان الإنسان هذان الخطان المرتبطان المتناقضان: إحساس الإنسان بفرديته، وإحساسه بالميل إلى الاجتماع بالآخرين والحياة معهم كواحد منهم.
وهذه الظاهرة ذات أثر بالغ في الحياة البشرية. فكيان المجتمع كله قائم على محاولة التوفيق بين هذين المتناقضين في الظاهر، ومدى النجاح في عملية التوفيق.
ولقد اضطربت كثير من النظم وكثير من الفلسفات بين هذه النزعة وتلك. بعضها يوسع دائرة الفردية حتى تصل إلى الأنانية المرذولة، وتفكيك روابط المجتمع، وتشتيت طاقاته. وبعضها يوسع الدائرة الجماعية حتى تقضي على كيان الفرد وتكاد تلغي وجوده، إذ تعتبره ذرة ضئيلة تافهة لا يستمد كيانه إلا بوصفه فردًا في القطيع.
ونحن نرى في هذه اللحظة على وجه الأرض مذهبين متنافرين، كل منهما يقوم على اتجاه.
الرأسمالية في الغرب قائمة على أساس فردية الإنسان. فتوسع له في حدو فرديته، وتترك له حرية التصرف في كثير من الأمر، حتى يصل إلى حد إيذاء نفسه وإيذاء الآخرين، فلا تحرج على نشاطه الزائد عن الحد، ولا تقفه عند حد معقول. يطلق لنفسه عنان الشهوات والأهواء. ويحطم الأخلاق والتقاليد. ولا يعترف بحق أحد في توجيهه وضبط تصرفاته. ويحول أمواله إلى أداة لاستغلال الآخرين. وامتصاص جهدهم ودمائهم وتحويلها إلى ترف فاجر ومتاع حسي غليظ ... ويفسد سياسة الحكم وسياسة المجتمع، ويفسد تصور الناس للحياة. ومع ذلك فهو يمارس "حريته الشخصية" وليس لأحد عليه سلطان!
والشيوعية في الشرق قائمة على أساس جماعية الإنسان. فتوسع في دائرة الجماعة -أو في الحقيقة الدولة- وتحجر على كل نشاط للأفراد -اللهم إلا نشاطهم الحسي الغليظ, فتتركه لهم مباحًا للتنفيس عن الطاقة المكبوتة! - فتمنع اشتراك الناس الفعلي في سياسة الحكم وسياسة المجتمع، وتفرض عليهم

اسم الکتاب : منهج التربية الإسلامية المؤلف : قطب، محمد    الجزء : 1  صفحة : 162
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست