اسم الکتاب : منهج التربية الإسلامية المؤلف : قطب، محمد الجزء : 1 صفحة : 156
والإسلام يؤمن بالطاقات الإنسانية جميعًا، ويعطي كل طاقة ما يصلح لها من الغذاء.
يؤمن بميل الإنسان للإيمان بما تدركه الحواس. ويعطي غذاء لهذه الطاقة، الكون المادي كله بما فيه من محسوسات.
الكون المادي مبسوط أمام الإنسان تدركه حواسه مباشرة بالعين والأذن والشم والذوق واللمس، أو تدركه بواسطة الآلات المقربة والمكبرة والمجسمة.
وهذا الكون المادي مبسوط أمام تجارب الإنسان ومحاولاته لاستغلال طاقته.
وليست المذاهب المادية الغريبة هي التي "اخترعت" هذا الاختراع أو اكتشفته في القرن العشرين! فقد مر بنا من قول هـ. ا. ر. جب، أن المذهب التجريبي الحديث قد انتقل إلى أوربا على يد الباحثين من المسلمين. وأن ملاحظاتهم العلمية والتفصيلة الدقيقة هي التي مهدت للعلم الحديث سبيل الظهور.
لقد كان المسلمون -بتوجيه دينهم المتمشي مع الفطرة- يؤمنون بالكون المادي والطاقة المادية في الإنسان، فيلاحظون دقائق هذا الكون، ويستنبطون قوانينه، ويستغلون طاقاته. وكانت علومهم في هذا الباب علومًا حقيقية نافعة. ويكفي أن نذكر أن الطب العربي كان يدرس في جامعات أوربا حتى القرن الثامن عشر وأن نظريات الحسن بن الهيثم في البصريات كانت تدرس هناك حتى القرن التاسع عشر، وأن لفظة الكيمياء في اللغات الأوربية كلها هي اللفظة العربية، وأن كثيرًا من ألفاظ الفلك عربية الأصل.
وليس هذا وحده.. فالإسلام -على طريقته- قد استغل "ما تدركه الحواس" استغلالًا ضخمًا في تربية القلب البشري وربطه بالله. استغله حين وجه الأنظار إلى "الكون المادي" لتبصر فيه يد الله القادرة المبدعة الصناع. استغل الحواس كلها في هذا الأمر. العين والأذن والشم والذوق واللمس.
يوجه العين للإبصار: {الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا} [1].
{أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ، وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ، وَإِلَى الْجِبَالِ [1] سورة الرعد 2.
اسم الکتاب : منهج التربية الإسلامية المؤلف : قطب، محمد الجزء : 1 صفحة : 156