responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : منهج التربية الإسلامية المؤلف : قطب، محمد    الجزء : 1  صفحة : 153
بالفرد ولا تضر بالمجموع. لذائذ الطعام والشراب والملبس والمسكن والجنس. وما يبتدعه الإنسان من أدوات تيسر حياته وتوفر جهده وتمتع حسه المتعة الحلال. وفي ذلك غذاء كامل لطاقة الحس.
أما الطاقة المعنوية.. الطاقة التي هي إنسانية أصيلة. الطاقة التي تميز بها الإنسان عن الحيوان.. فالإسلام يحتفل بها احتفالًا ضخمًا، ويجعلها هي أساس الحياة الإنسانية، بما أنها هي أساس إنسانية الإنسان.
أول ما يحتفل بها يمنحها العقيدة. العقيدة على شمولها واتساعها وطلاقتها. العقيدة بمعنى الإيمان بوجود الله ووحدانيته. وبمعنى العبادة لله وإخلاص الدين له. وبمعنى تصور الكون والحياة على أساس هذا الإيمان بالله. وبمعنى الإيمان بالحق الذي خلق به الله السموات والأرض. وبمعنى إحقاق هذا الحق على ظهر الأرض. وبمعنى إقامة المجتمع الإنساني على أساس الحق الإلهي الذي نزل به القرآن. وبمعنى الجهاد في سبيل الله، وفي سبيل الحق وفي سبيل الإسلام. الجهاد في سبيل إقامة مجتمع نظيف متوازن يؤمن بما أنزل الله، ويحكم بما أنزل الله. تلك هي العقيدة التي يبذرها الإسلام في النفوس، ويغذي بها الطاقة المعنوية في الإنسان.
والحياة في ظلال هذه العقيدة متعة للنفس ما بعدها متعة.. متعة الاتصال الدائم بالله، وتوسيع آفاق الإنسان حتى تتصل بالكون كله على اتساعه وتصبح طاقة كونية ممتزجة بطاقة الكون، داخلة في ناموسه الأكبر غير منفصلة عنه، وغير منحصرة بذاتها الصغيرة الفانية عن طاقة الحياة.
وهذا الكلام ليس شعرًا! إنما هو واقع! واقع يكشف عنه العلم الحديث خطوة بعد خطوة كلما فتح الله عليه سرًّا من الأسرار! ولقد كان اكتشاف الطاقة الذرية والجاذبية الكونية حدثًا في تاريخ العلم. وهو كذلك حدث في تاريخ "المعرفة" بمعناها الواسع. فقد كشف للإنسان أن تقسيم الكون إلى مادي ولا مادي يوشك أن يصبح خرافة! وأن الكون كله في حقيقته مجموعة من "الطاقات" متحركة على الدوام، مترابطة على الدوام، فإذا اختلت فسد ترابطها وانفجرت وتبددت في الآفاق. والإنسان أحد هذه الطاقات الكونية، يحكمه الناموس ذاته وتوجهه إرادة الله الواحد الذي خلق الكون والحياة والإنسان. ومن ثم فهو حين يتجه لله وحده بالعبادة، فهو يصنع ما يوحي به ناموس الكون

اسم الکتاب : منهج التربية الإسلامية المؤلف : قطب، محمد    الجزء : 1  صفحة : 153
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست