responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مناهج التربية أسسها وتطبيقاتها المؤلف : على أحمد مدكور    الجزء : 1  صفحة : 151
والأرض والطين، فقرر أن هذا وهم باطل، وأن الناس جميعا لآدم، وآدم من تراب: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء: [1]] .
ثانيا: إن الإسلام هو خاتم الرسالات الإلهية للإنسان، وقد جاء حينما بلغت البشرية سن الرشد. إن الاعتقاد بأن هذه الرسالة هي الخاتمة قد بث في الإنسان روح الثقة ببلوغه سن الرشد، وحفزه على التقدم في مضمار عمارة الأرض، وترقية الحياة على ظهرها، والاعتماد على العلم والتجربة في الحياة اليومية، فالإنسان ليس في حاجة اليوم إلى أن ينتظر وحيا جديدا من السماء فيرفع بصره إليها في حالة انتظار وترقب، وإنما حاجته اليوم أن يفكر وأن يستخدم مواهبه في استثمار طاقات الكون وكنوز الأرض لسعادته وترقية حياته. إن الاعتقاد بأن الرسالة المحمدية هي خاتمة الرسالات يبعث في الإنسان روح الطموح والتقدم، ويحثه على استخدام مواهبه بكفاءة، ويعين له المجال السليم لكفاحه وكدحه[1].
إنه لولا هذا الاعتقاد لفقد الإنسان ثقته بنفسه، وبقي في ريب دائم، وظل شاخصا إلى السماء، بدلا من أن يعمر في الأرض، وفقد ثقته بمستقبله، وثارت شكوك وشبهات حوله، ووقع فريسة المتنبئين على الدوام!
ووظيفة الجهاد هنا هي الحفاظ على الرسالة الخاتمة. وتثبيت حاكميتها في الأرض، فهي ما نزلت إلا لتحكم الحياة، وتنظم شئون الناس على أساسها، ويعم خيرها البشرية جميعا. والجهاد حماية للرسالة الخاتمة من أصحاب الفلسفات والنظريات التي تنفي وجود الله أصلا، أو في أحسن الأحوال تجعل لله ملوكت السماء، وتتصرف هي في ملكوت الأرض!
الحقيقة أن الجهاد في الميدان ما هو إلا لون من ألوان الجهاد الكثيرة: فطلب العلم النافع الذي تعمر به الحياة وترقى جهاد في سبيل الله، لذلك كان رسوله -صلى الله عليه وسلم- يدعو ويقول: "اللهم علمني ما ينفعني، وانفعني بما علمتني". وكان -عليه الصلاة والسلام- يعتبر طالب العلم مجاهدا في سبيل الله: "من خرج في طلب العلم فهو في سبيل الله حتى يرجع" [رواه الترمذي] .
ويربط الحق -سبحانه- التفقه في الدين -وهو قمة العلم- بالحركة الإيجابية الفاعلة: {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ

[1] أبو الحسن علي الحسيني الندوي: النبوة والأنبياء في ضوء القرآن، الطبعة السادسة، دمشق، دار القلم، 1404هـ-1984م، ص244-245.
اسم الکتاب : مناهج التربية أسسها وتطبيقاتها المؤلف : على أحمد مدكور    الجزء : 1  صفحة : 151
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست