responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مناهج التربية أسسها وتطبيقاتها المؤلف : على أحمد مدكور    الجزء : 1  صفحة : 119
وعندما يكون الجانب التطبيقي في الثقافة الإسلامية ترجمة واقعية صحية للجانب المعياري فيها، مع استخدام كل معطيات الإنسان والزمان والمكان.. تكون الحضارة.
والتغير في الأنماط الثقافية والحضارية إنما يخضع لقاعدة ثابتة تمثلت في قول الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} [الرعد: 11] وقوله -سبحانه: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} [الأنفال: 53] .
فالآيتان السابقتان تدلان دلالة قاطعة على أن التغير الاجتماعي إنما يبدأ من الداخل، أي: من داخل النفس، وذلك بتغيير الأنماط العقائدية والمعيارية والقيمية والفكرية للإنسان، فإذا ما تغير ذلك، فإنه ينعكس على النظم والمؤسسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتربوية.. إلخ، وهذا ما عبر عنه الأستاذ حسن البنا في إيجاز بليغ، حين قال: "أقيموا الإسلام في أنفسكم يقم على أرضكم".
مفهوم الأمية:
تعرف الأمية بأنها عدم القراءة والكتابة، ويعرف الأمي بأنه من لا يقرأ ولا يكتب، وبأنه الشخص العيي، الجاف، الجاهل؛ وفي ذلك تضييق لمفهوم الأمية، بالإضافة إلى الخلط والتلبيس بين الأمية وبين الجهالة.
فالأمي نسبة إلى الأم، أو الأمة، وهو من ليس عنده نسبة أصلا، أما الجاهل، فهو من عنده نسبة خاطئة، ولذلك وصف القرآن الكريم الناس في عصر ما قبل الإسلام بأنهم "جاهلون" وعصرهم هو عصر "الجاهلية" وذلك لأنهم كانوا يعرفون الله، ولكن بطريقة خاطئة، فهم رغم إقرارهم بوجود الله إلا أنهم يعبدون الأصنام والأوثان: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} [الزمر: 38] .
فالجهل إذن ضد العلم؛ لأن الجهل أن تدرك نسبة خاطئة، مجزوما بخطئها، ولا دليل على صحتها، ويكذبها الواقع. أما العلم فهو أن تدرك نسبة صحيحة، مجزوما بها، وعليها دليلها، ويصدقها الواقع[1].
وعلاج الجاهل أقسى وأشق من علاج الأمي، لأن الأمي يحتاج إلى عملية واحدة وهي تزويده بالنسبة الصحيحة، أما الجاهل فهو يحتاج إلى عمليتين: انتزاع النسبة الخاطئة من نفسه، ثم تزويده بنسبة أخرى صحيحة.

[1] علي أحمد مدكور، راشد بن حمد الكثيري: تقويم برامج محو الأمة وتعليم الكبار في منطقة الرياض في ضوء أهدافها، معهد البحوث وإحياء التراث الإسلامي، مركز البحوث التربوية والنفسية، مكة المكرمة، 1409هـ/1989م، ص57 وما بعدها.
وانظر أيضا: علي أحمد مدكور، منهج تعليم الكبار: النظرية والتطبيق، القاهرة، دار الفكر العربي، 1416هـ-1996م.
اسم الکتاب : مناهج التربية أسسها وتطبيقاتها المؤلف : على أحمد مدكور    الجزء : 1  صفحة : 119
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست