اسم الکتاب : مفتاح الأفكار للتأهب لدار القرار المؤلف : السلمان، عبد العزيز الجزء : 1 صفحة : 364
الرشوة أو إعطاءها فذلكم الداء الخطر داء السرطان الذي ما خالط جسماً إلا وقضى عليه ما لم يُستأصل فما خالطت الرشوة عملاً إلا أفسدته، ولا نظاماً إلا قلبته ولا قلباً أو طريقاً منيراً إلا أظلمته فما فشت في أمةٍ إلا وأطاحت بسلطانها ما وُجدت في أمةٍ إلا وحل الغش فيها محل الإخلاص والخيانة محل الأمانة ولا غرو فكم لله من ألسنةٍ ناطقة أخرستها وضمائر وأدتها، لذا وغيره من أضرارها السيئة وعواقبها الوخيمة لم يقف النظم القرآني بإدخالها في الباطل فقط بل قال بعد ذلك مؤكداً لتحريمها ومُحذراً من سوء عاقبتها: {وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ} [أي ولا تدلوا بالأموال إلى الحكام. والإدلاء المنهي عنه له معنيان أحدهما أن الله سبحانه ينهاك أيها المسلم أن تُدلي بحجتك إلى الحاكم ليُحلل لك ما أكلته بالباطل. والحاكم إنما يحكم بالظاهر فحكمه لا يحرم حلالاً في باطن الأمر ولا يحل حراماً يقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إنكم تختصمون إليَّ فلعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض فأقضي له على نحو ما أسمع فمن قطعت له من حق أخيه شيئاً فإنما أقطع له قطعة من نار فليأخذها أو ليدعها» . المعنى الثاني للإدلاء أن الله سبحانه ينهاكم أن تُعطوا الحاكم شيئاً من المال ملتمسين بذلكم استمالته في الحكم كي تتوصلوا إلى أكل طائفة من أموال الناس بالإثم وأنتم تعلمون ما أنتم عليه من باطل وظلم تعلمون أنكم بذلك أسأتم إلى أنفسكم وعرضتموها للعنة الله وغضبه وعقابه يقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لعن الله الراشي والمرتشي والرائش» ، وروى الطبراني عن ابن مسعود موقوفاً قال: «الرشاء في الحكم كفر وفيما بَيْنَ الناس سُحت» .
عباد الله: ليست الرشوة المتوعد أهلها بالطرد والإبعاد من رحمة الله مقصورة على دفع مال إلى حاكم وشبهه بل كل نفع تقدمه إلى حاكم أو
اسم الکتاب : مفتاح الأفكار للتأهب لدار القرار المؤلف : السلمان، عبد العزيز الجزء : 1 صفحة : 364