من أعظم الآفات التي تضيع على طالب العلم الخير الكثير: عدم الحرص على الوقت، ومن الحرص على الوقت إذا جلس طالب العلم مع طلاب العلم يستفيد، لا تجلس هكذا صامتاً، سلهم مسألة وإن كانوا دونك في العلم، اطرح عليهم مسألة، ثم علّمهم إياها، وإن كانوا أعلى منك تواضع وخذ منهم، وإن كانوا في مستواك ذاكرهم، فتكون دائماً في مذاكرة للعلم، فإن مذاكرة العلم عبادة تشتري بها رحمة الله، يحتسب في لحظاته وحركاته حتى إذا جلس مع الناس أن يستفيد أو يفيد، فهذه رسالة طالب العلم.
وإذا وفقه الله كان عنده الحرص على كل لحظة وعلى كل ساعة وعلى كل دقيقة أن تضيع هدراً، يغار على كل لحظة، يتذكر الوالدين، يتذكر الأبناء، يتذكر فلذات الكبد، الجيران، الخلان، الأحبة والإخوان، كلهم تركهم من أجل هذا العلم، إذاً فلا بد أن يُمضي الوقت في طاعة الله، وأن يستغل هذا الوقت في محبة الله ومرضاته، هذا من أهم ما يعتني به طالب العلم، وفي الحكمة: الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك. فالوقت إما لك، وإما عليك.
قال الإمام مالك رحمه الله: ما دخلتُ على جعفر [1] [41] ) إلا وجدته على إحدى ثلاث خلال: إما قائماً يصلي، أو جالساً يقرأ القرآن، أو جالساً يذكر الله، حتى كان بعض العلماء يقول: نِعْمَ –والله- الحال.
وأذكر بعض الفضلاء من أهل العلم كان من رفقائنا في طلب العلم، كنت إذا دخلت عليه أزوره، فأجلس أحادثه وأذاكره في المسائل، الكتاب في حجره، والله لا أخرج عن مذاكرة العلم قليلاً إلا تركني وأقبل على العلم ولم يجاملني.
ومما يعين على حفظ الوقت [2] [42] ) : [1] 41] ) لعله الإمام أبو عبد الله جعفر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، الإمام الصادق، شيخ بني هاشم المدني، جده لأمه أبو بكر الصديق، ت 148هـ -رضي الله عن الجميع-. [2] 42] ) من محاضرة للشيخ، بعنوان: (وصايا للخريجين) .