responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد المؤلف : أبو طالب المكي    الجزء : 1  صفحة : 140
العبد فرضاً ولم يندب إليه فضلاً ولا يحتاج إليه مباحاً فهو مما لايعنيه وفي حديث آخر هو نصف الورع قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: دع ما يريبك إلى ما لا يريبك فإن الإثم جوار القلوب أي دع ما تشكنّ فيه من قول أو فعل فإن فيه غنيمة أو سلامة إلى شيء أنت على يقين من الفضيلة فيه أو السلامة معه وما حز في قلبك ولم ينشرح له فدعه فإن ذلك إثم وإن قل ودق، وقد روينا عنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الوصف المبسوط من أوصاف المؤمنين كوصف اللَّه تعالى أولياءه في الكلام المشروح أنه بينما هو جالس صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بين أصحابه إذ سجد فأطال ثم رفع رأسه مادّاً يديه فقال: اللَّهم أكرمنا ولاتهنّا وزدنا ولا تنقصنا وأعزنا ولا تذلنا، قلنا: وما ذاك يا رسول اللَّه؟ قال: أنزلت عليّ آيات من أقامها دخل الجنة ثم تلا علينا قدأفلح المؤمنون إلى آخر العشر.
وروينا عنه في حديث مجمل أن رجلاً سأله فقال: يا رسول الله متى أعلم أني من أهل الجنة، وفي لفظ آخر أني مؤمن حقاً، فقال: إذا كنت بهذه الأوصاف، ثم تلا عليه: قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم إلى آخر النعوت، وروينا عنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الوصف الجامع المختصر كوصف الحكيم الأكبر من صلح له من عباده بالإخلاص في التوحيد والعمل فقال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لو لم تنزل عليّ إلا هذه الآية كانت تكفي، ثم قرأ آخر سورة الكهف (فََمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّه فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً) الكهف 110 إلى آخرها، فكان هذا أفصل الخطاب وبلاغاً لأولي الألباب فالعمل الصالح الإخلاص في العبادة ونفي الشرك بالخلق هو اليقين بتوحيد الخالق، وقد قال الله وهو أحسن القائلين في وصف أوليائه الخائفين: (إِنَّ الَّذينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبَّهمْ مُشْفِقُونَ) (والَّذينَ هُمْ بآيات رَبِّهِمْ يُؤْمِنُون) المؤمنون: 57 - 58 إلى قوله: (وَهُمْ لَهَا سَابقُونَ) المؤمنون: 16، فوصفهم بسبع مقامات جامعات بالغات تنتظم بمقامات أهل المحاسبة وتستحوذ على معاني أحوال أهل المراقبة افتتحها بالخشية والإشفاق وختمها بالوجل والإنفاق وجعل موجبها اليقين وهو الذي رجحت به موازين المتقين صيره آخر وصفهم ونهاية نعتهم وهو قوله تعالى: (أنَّهُمْ إلَى رَبَّهم راجعُونَ) المؤمنون: 60 أي لأجل يقينهم بمرجعهم إليه خافوه وأشفقوا وآمنوا به وأخلصوا وأتوه نفوسهم وأموالهم فهذا كقوله في الكلام المختصر: (وَاتَّقُوا اللهَ وَاعْلَمُوا أنّكُمْ مُلاقُوهُ وَبَشِّر المُؤمِنين) البقرة: 223 فللخائفين الأمن من الخوف عند اللقاء وحسن المنقلب والبشرى بالقرب لديه والزلفى، فصورة المحاسبة أن يقف العبد وقفة عند ظهور الهمة وابتداء الحركة ثم يميز الخاطر وهو حركة القلب والاضطراب وهو تصرف الجسم فإن كان ما خطر به الخاطر من الهمة التي تقتضي نية أو عقداً أو عزماً أو فعلاً أو سعياً إن كان عزّ وجلّ وبه وفيه معنى عزّ وجلّ أي خالصاً لأجله ومعنى به أي بمشاهدة قربه لا بمقاربة نفسه وهواه ومعنى فيه أي

اسم الکتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد المؤلف : أبو طالب المكي    الجزء : 1  صفحة : 140
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست