اسم الکتاب : علم الأخلاق الإسلامية المؤلف : مقداد يالجن الجزء : 1 صفحة : 361
الذميمة إنما تنفجر من خبائثه إذا حرك"[1]. ويقول أيضا: "إن المخالطة ارتياض بمقاساة الناس والمجاهدة في تحمل أذاهم كسرا للنفوس وقهرا للشهوات وهي من الفوائد التي تستفاد بالمخالطة وهي أفضل من العزلة في حق من لم تتهذب أخلاقه"[2]. ولم يكن الغزالي هو وحده الذي تكلم عن مضار العزلة، بل هناك علماء النفس الذين هاجموا العزلة وتكلموا عن مضارها. فهذا "هورني" يرجع أحد أسباب القلق في الحياة إلى العزلة[3] وهذا "دور كايم" يرجع أحد أسباب الانتحار إلى انقطاع ارتباط الفرد عن المجتمع[4] ويرجع "وليم مكدوجل" بعض العيوب الخلقية إلى العزلة ويقول: إن المعاشرة والاجتماع وسيلة للقضاء على مثل هذه العيوب[5]. ولهذا كان الإسلام حكيما عندما ربط الفرد بالمجتمع ربطا كربط العضو بالجسم فقال الرسول- صلى الله عليه وسلم: "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى" [6].
وتشويقا إلى الاجتماع وتنفيرا من العزلة والافتراق قال تعالى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ, وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا [1] إحياء علوم الدين جـ 2 ص241. [2] المرجع نفسه جـ 2 ص238. [3] الصحة النفسية. الدكتور مصطفى فهمي ط2 ص 191. [4] المصدر نفسه ص54. [5] الأخلاق والسلوك في الحياة. وليم مكدوجل. ترجمة جبران سليم إبراهيم ص 211. [6] صحيح مسلم بشرح النووي، باب تراحم المؤمنين وتعاطفهم، جـ 16 ص 139.
اسم الکتاب : علم الأخلاق الإسلامية المؤلف : مقداد يالجن الجزء : 1 صفحة : 361