اسم الکتاب : صيد الخاطر المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 1 صفحة : 85
وَتَعْتَقِدُ الدليل، وتفضل ساعة التشاغل به على ساعات النوافل، وتقول: أقوى دليل لي على فضله على النوافل: أني رأيت كثيرًا ممن شغلتهم نوافل الصلاة والصوم عن نوافل العلم عاد ذلك عليهم بالقدح في الأصول، فرأيتها في هذا الاتجاه على الجادة السليمة[1] والرأي الصحيح.
211- إلا أني رأيتها واقفة مع صورة التشاغل بالعلم، فصحت بها: فما الذي أفادك العلم؟! أين الخوف؟! أين القلق؟! أين الحذر؟! أو ما سمعت بأخبار أخيار الأحبار في تعبدهم واجتهادهم؟!
أما كان الرسول صلى الله عليه وسلم سيد الكل، ثم إنه قام حتى ورمت قدماه[2]؟!
أما كان أبو بكر رضي الله عنه شجي النشيج، كثير البكاء؟!
أما كان في خد عمر رضي الله عنه خطان[3] من آثار الدموع؟!
أما كان عثمان رضي الله عنه يختم القرآن في ركعة؟!
أما كان علي رضي الله عنه يبكي بالليل في محرابه حتى تخضل لحيته بالدموع، ويقول: يا دنيا غري غيري[4]؟!
أما كان الحسن البصري يحيا على قوة القلق.
أما كان سعيد بن المسيب ملازمًا للمسجد، فلم تفته صلاة في جماعة أربعين سنة؟!
أما صام الأسود بن يزيد[5] حتى اخضر واصفر؟! [1] في حاشية الأصل: في الأحمدية: الجادة السهلة. [2] رواه البخاري "1130"، ومسلم "2819"، عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه، وتمامه: فيقال له؟ فيقول: "أفلا أكون عبدًا شكورًا". [3] في الأصل: خطين. [4] صفة الصفوة "1/ 316"ط. دار الوعي بحلب. [5] أبوعمرو النخعي الكوفي: الإمام القدوة، وهو ابن أخي علقمة بن قيس، وخال إبراهيم النخعي، فهؤلاء أهل بيت من رؤوس العلم والعمل، كان الأسود مخضرمًا، أدرك الجاهلية والإسلام، توفي سنة "75هـ".
اسم الکتاب : صيد الخاطر المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 1 صفحة : 85