اسم الکتاب : صيد الخاطر المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 1 صفحة : 77
35- فصل: أفضل الأمور أوساطها.
192- تأملت في شهوات الدنيا، فرأيتها مصايد هلاك، وفخوخ تلف، فن قوى عقله على طبعه وحكم عليه، يسلم، ومن غلب طبعه، فيا سرعة هلكته!
193- ولقد رأيت بعض أبناء الدنيا كان يتوفق إلى التسري، ثم يستعمل الحرارات المهيجة للباه[1]، فما لبث أن انحلت حرارته الغريزية وتلف.
194- ولم أر في شهوات النفس أسرع هلاكًا من هذه الشهوة، فإنه كلما مال الإنسان إلى شخص مستحسن، أوجب ذلك حركة الباه زائدًا عن العادة، وإذا رأى أحسن منه، زادت الحركة، وكثر خروج المني زائدًا عن الأول، فيفنى جوهر الحياة أسرع شيء.
وبالضد من هذا أن تكون المرأة مستقبحة، فلا يوجب نكاحها خروج الفضلة المؤذية كما ينبغي، فيقع التأذي بالاحتباس، وقوة التوق إلى منكوح.
195- وكذلك المفرط في الأكل، فإنه يجني على نفسه كثيرًا من الجنايات، والمقصر في مقدار القوت كذلك. فعلمت أن أفضل الأمور أوساطها.
196- والدنيا مفازة، فينبغي أن يكون السائق[2] فيها العقل، فمن سلم زمام راحلته إلى طبعه وهواه، فيا عجلة تلفه!
هذا فيما يتعلق بالبدن والدنيا، فقس عليه أمر الآخرة، فافهم. [1] الأدوية المقوية للجماع. [2] في الأصل: السابق. وهو تصحيف.
36- فصل: لا تحرموا طيبات ما أحل لكم.
197- بلغني عن بعض زهاد زماننا أنه قدم إليه طعام، فقال: لا آكل! فقيل له: لم؟! قال: لأن نفسي تشتهيه، وأنا منذ سنين ما بلغت نفسي ما تشتهي!
198- فقلت: لقد خفيت طريق الصواب عن هذا من وجهين، وسبب خفائها عدم العلم:
اسم الکتاب : صيد الخاطر المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 1 صفحة : 77