responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : صيد الخاطر المؤلف : ابن الجوزي    الجزء : 1  صفحة : 74
المطالبة بالتفريط، ويؤاخذون الحس بما مضى من العيوب، فتجري عيون الندم، وتنعقد عزائم الاستدراك.
ولو أن هذه النفس خلت عن المعهودات التي وصفتها، لتشاغلت بخدمة بارئها، ولو وقعت في سورة حبة[1]، لاستوحشت عن الكل شغلًا بقربة، ولهذا اعتمد الزهاد الخلوات، وتشاغلوا بقطع المعوقات، وعلى قدر مجاهدتهم في ذلك نالوا من الخدمة مرادهم، كما أن الحصاد على مقدار البذر.
183- غير أني تلمحت في هذه الحالة دقيقة، وهو أن النفس لو دامت لها اليقظة، لوقعت فيما هو شر من فوت ما فاتها، وهو العجب بحالها، والاحتقار لجنسها[2]! وربما ترقت بقوة علمها وعرفانها إلى دعوى قولها: "لي، وعندي، واستحق ... " فتركها في حومة[3] ذنوبها تتخبط، فإذا وقفت على الشاطيء، قامت بحق ذلة العبودية، [وذلك] أولى لها.
هذا حكم الغالب من الخلق، ولذلك شغلوا عن هذا المقام، فمن بذر، فصلح له، فلا بد له من هفوة تراقبها عين الخوف من عقابها رفقًا بها، تصح له عبوديته، وتسلم له عبادته، وإلى هذا المعنى أشار الحديث الصحيح: "لو لم تذنبوا، لذهب الله بكم، وجاء بقوم يذنبون، فيستغفرون، فيغفر لهم"[4].

[1] سورة الحب: شدته.
[2] عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لو لم تذنبوا لخشيت عليكم ما هو أكبر منه: العجب" رواه البزار الكشف "3633" بإسناد جيد كما قال المنذري في الترغيب "4307".
[3] حومة: الساحة.
[4] رواه مسلم "2749" عن أبي هريرة رضي الله عنه.
34- فصل: ما يفعله جهلة المتزهدين.
184- تفكرت، فرأيت أن حفظ المال من المتعين، وما يسميه جهلة المتزهدين توكلًا -من إخراج ما في اليد- ليس بالمشروع! فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لكعب بن مالك: "أمسك عليك بعض مالك" [1]، أو كما قال له. وقال لسعد: "لأن

[1] رواه البخاري "4676"، ومسلم "2769" عن كعب بن مالك رضي الله عنه.
اسم الکتاب : صيد الخاطر المؤلف : ابن الجوزي    الجزء : 1  صفحة : 74
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست